للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أَوْلَدَ أَمَةَ الغَيْرِ بالنِّكَاحِ، ثم مَلِكَهَا بِشِرَاء، أو غيره، لم تَصِرْ أُمَّ ولد له أيضاً (١)؛ لأنها علقت منه بِرَقِيقٍ، والاسْتِيلاَدُ إِنما يَثْبُتُ تَبَعاً لحرية الولد، وإلى ذلك أَشَارَ بقوله -صلى الله عليه وسلم- في مَارِيةَ: "أَعُتَقَهَا وَلَدُهَا" (٢)، ولو ملكها وهي حَامِلٌ منه، فكذلك الحُكْمُ.

وقال أبو حَنِيْفَةَ -رحمه الله-: تَصِيرُ أُمِّ وَلَدٍ له في الصُّورَتَيْنِ. ويروى تخصيص الاسْتِيلاَدِ بما إذا مَلِكَهَا حَاملاً، وَوَلَدَتْ عِنْدَهُ، وبه قال مالك والمُزَنِيُّ -رحمهما الله- ولا شَكَّ أن الوَلَدَ يعتق عليه ملكه حَمْلاً أو بعد الانْفِصَالِ.

قال الصَّيْدَلاَنِيُّ: وصورة ملكها حَامِلاً، أن تَضَعَ قبل سِتَّةِ أشهر من يوم مِلْكِهَا، أو إلاَّ يَطَأَهَا بعد المِلْكِ، وتلد لِمَا دون أربع سنين فأما إذا وَطِئَهَا بعد المِلْكِ، وَوَلَدتْ لستة أشهر من وقت الوطء؛ فيحكم بِحُصُولِ العُلُوقِ في مِلْكِ اليَمِينِ، وبِثُبُوتِ الاسْتِيلاَدِ، وحُرْمَةِ الولد، وإن أمكن أن يكون سَابِقاً عليه.

ولو اسْتَوْلَدَ أَمَةَ الغَيْرِ بالشُّبْهَةِ، ثم ملكها، ينظر؛ إن وَطِئَهَا على ظَنِّ أنها زَوْجَتُهُ المملوكة، فالولد رَقِيقٌ، ولا يثبت الاسْتِيلاَدُ. وإن وَطِئَهَا عن ظَنِّ أنها زَوْجَتُهُ الحرة، أو أَمَتُهُ، فالولد حُرٌّ. وفي ثُبُوتِ الاسْتِيلاَدِ قَوْلاَنِ، وكذا لو نكح أَمَةً غُرَّ بحريتها، فَأوْلَدَهَا فالولد حُرٌّ، وفي ثُبُوتِ الاسْتِيلاَدِ إذا مَلِكَهَا قولان.

[ويجريان] (٣) فيما لو اشْتَرَى أَمَةً شِرَاءَ فَاسِداً وأَوْلدَهَا على ظَنِّ الصحة:


(١) يستثنى من ذلك من غر بحرية أمة فنكحها فإن الولد حر كما ذكره الشيخ هنا وفي باب الخيار في النكاح.
واستثنى الشيخ البلقيني ما إذا نكح حر جارية أجنبي ثم ملكها ابنه فإنه لا ينفسخ النكاح على الأصح، فلو أولدها فقال الشيخ أبو محمد يثبت الاستيلاد وينفسخ النكاح ومال إليه الإِمام وقال الشيخ أبو حامد ومن تبعه والشيخ أبو علي لا يثبت الاستيلاد لأنه رضي برق ولده حين نحكحها والأرجح عندنا ما قاله الشيخ أبو محمد.
(٢) رواه ابن ماجه [٢٥١٦] من حديث ابن عباس بلفظ: ذكرت أم إبراهيم عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال أعتقها ولدها، وفي إسناده حسين بن عبد الله وهو ضعيف جداً، قال البيهقي: وروى عن ابن عباس من قوله، قال وله علة، رواه مسروق عن عكرمة عن عمرو عن خصيف عن عكرمة عن ابن عمر عن عمر، قال فعاد الحديث إلى عمر، وله طريق آخر رواه البيهقي من حديث ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأم إبراهيم: أعتقك ولدك، وهو معضل، وقال ابن حزم، صح هذا مسند رواته ثقات عن ابن عباس، ثم ذكره من طريق قاسم بن أصبغ عن محمد بن مصعب عن عبيد الله بن عمرو وهو الرقي، عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس، وتعقبه ابن القطان بأن قوله عن محمد بن مصعب خطأ، وإنما هو عن محمد وهو ابن وضاح، عن مصعب وهو ابن سعيد المصيصي وفيه ضعف.
(٣) في ز: ويحرمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>