للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه يثبت؛ لأنها عَلِقَتْ منه بِحُرٍّ، فصار كما لو عَلِقَتْ منه في مِلْكِهِ.

والثاني: لا يَثْبُتُ؛ لأنها عَلِقَتْ منه في غير ملْكِ اليمين، فهو كما لو عَلِقَتْ منه في النِّكَاحِ، أو بالزنا، ولأن الاسْتِيلاَدَ لم يَثْبُتْ في الحال، فلا يَثْبُتُ من بَعْدُ، كما لو أَعْتَقَ عَبْدَ الغَيْرِ، ثم مَلِكَهُ.

ولأن الكِتَابَةَ والتَّدْبِيرَ لا يَثْبُتَانِ في مِلْكِ الغَيْرِ حَالاً ولا مَآلاً، فكذلك الاسْتيلاَدُ. وهذا (١) أظهر القَوْلَيْنِ على ما ذكر الإمَامُ، والموفق ابن طَاهِرٍ في "شرح مختصر الجويني" -رحمهم الله-. ورأيت في "تَعْلِيقِ الشيخ أبي حَامِدٍ" -رحمه الله- أنه القَوْلُ الجَدِيدُ والأَوَّل القديم.

التفريع: إن أثبتنا الاسْتِيلاَدَ إذا مَلِكَهَا، فَأَوْلاَدُهَا الحَادِثُونَ [بعد ذلك من النكاح أو الزنا حكمهم حكم الأم حتى يعتقوا بموت السيد] (٢) والحاصلون قبل أن يَمْلِكَهَا ليس لهم حُكْمُ الأُمِّ، وإن حَصَلُوا بعد الاسْتِيلاَدِ؛ لأنهم حَصَلُوا قَبْلَ ثُبُوتِ الحَقِّ للأُمِّ.

ولو ملكها وهي حَامِلٌ من زَوْجٍ أو زِناً؛ ففي "فَتَاوى القاضي الحُسَيْنِ": أنه لا يَثْبُتُ لذلك الوَلَدِ حُكْمُ الأُمِّ، بل يكون قِنّاً للمشتري؛ اعْتِبَاراً بحالة العلُوقِ.

واعترض عليه بأنه لو اشْتَرَى أَمَةً حَامِلاً، يعتق الحَمْلُ الذي هو أَخُ المشتري تَبَعاً للأُمِّ، وإن كان الأَخُ لا يعتق على الأخ، فلذلك (٣) جَازَ أن يقال: إذا كان الوَلَدُ مُتَّصِلاً، يثبت له حُكْمُ الأم. فأجاب بأن هناك تَثْبُتُ حَقِيقَةُ الحرية، فَيَسْرِي إلى الجَنِينِ، والاسْتِيلادُ حَقُّ الحرية، فلا يَلْزَمُ أن يَسْرِيَ إلى الجَنِينِ، واستشهد عليه بأن ولد المكاتب من أَمَتِهِ يتبعه؛ لأنه يَثْبُتُ له حَقِيقَةُ المِلْكِ فيه.

وولد المُكَاتَبَةِ لا يَتْبَعُهَا في قول؛ لأنه لا يَثْبُتُ لها حَقِيقَةُ المِلْكِ فيه، ويجوز أن يُعَلَمَ قوله في الكتاب: "لم تصر أم ولد له" مع الحاء بالواو ولأن أبا الفرج الزاز ذكر في "أَمَالِيهِ" أن بَعْضَ الأَصْحَابِ -رحمهم الله- فَرَّجَ فيه قَوْلاً مِثْلَ مذهب أبي حَنِيْفَةَ -رحمه الله- أَخْذاً مما إذا أولد جَارِيَتَهُ المَرْهُونَةَ، وقلنا: لا يثبت الاسْتِيلاَدُ، وبيعت في الدين، ثم ملكها يوماً من الدهر.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: (الثَّانِي:) مُسْتَوْلَدَةٌ اسْتَوْلَدَهَا شَرِيكَانِ ثُمَّ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ: وَلَدَتْ أوَّلاً مِنِّي فَهِيَ مُسْتَوْلَدَتِي فَقَدْ صَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً فَإِنْ مَاتَا عُتِقَتْ وَالوَلاَءُ مَوْقُوفٌ، وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَنِصْفُ الوَلاَءِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.


(١) في ز: وهو.
(٢) سقط في: ز.
(٣) في ز: فكذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>