يكون ذلك قادحاً. والفرق أن الشَّكَّ في النية بمثابة عدم النية، فإذا كان الشَّك في أصل النية، فالموجود في زمان الشك غير محسوب عن الصلاة، لكنه جعل عذراً لقلته، وحسب عن الركن ما قبله أو بعده. وهاهنا الموجود حالةُ الشك محسبو عن الصلاة؛ لوجود أصل النية، فيتأدى ذلك الجزء على التمام، وإذا انعقد جزء من الصلاة على التمام. وعند أبي حنيفة لا حاجة إلى نية القصر بناء على أنه عزيمة.
وقال المزني: لا بد منها، لكن لا تجب في الابتداء، ويجوز أن ينوي القصر في الأثناء، ولو نوى الإتمام ثم أراد القصر جاز.
وقوله:"أن يستمر على نية القصر جزماً في جميع الصَّلاة"، يتضمن اعتبار نية القصر، ثم ليس المراد أنه يشترط استحضارها في جميع الصَّلاة، وإنما المراد ما ذكرنا أنه يشترط الخلو عن الشَّكِّ والتردد.
وقوله:(في جميع الصلاة) يجوز أن يعلم بالزَّاي؛ لأن عنده لو كان جازماً في البعض بالإتمام، ثم نوى القصر جاز، وقوله:(لزمه الإتمام) معلم بالحاء والزاي؛ لما حكيناه.
إحداهما: لو اقتدى بمسافر عرف أنه ينوي القصر أو ظنه، وصلّى ركعتين، فقام الإمام إلى ركعة ثالثة، نظر: إن علم أنه نوى الإتمام لزمه الإتمام، وإن علم أنه ساهٍ بأن كان حنفيًّا، لا يرى الإتمام، فلا يلزمه الإتمام، ويتخير بين أن يخرج عن متابعته ويسجد للسَّهْوِ وَيُسَلِّم، وبين أن ينتظر حتى يعود، ولو اتفق له أنه يتم أتم، لكن ليس له أن يقتدي بالإمام في سهوه، فإنه غير محسوب له، ولا يجوز الاقتداء بمن يعرف أن ما فيه غير محسوب له كالمسبوق إذا أدرك من آخر الصَّلاة ركعة فقام الإمام سهوًا إلى ركعة زائدة، لم يكن للمسبوق أن يقتدي به في تدارك ما عليه؛ ذكره في "النهاية" ولو شك في أنه قام ساهياً، أو متتماً فهذه مسألة الكتاب، وحكمها أن عليه الإتمام وإن بَانَ كونه ساهياً؛ لأن أحد المحتملين لزوم الإتمام، فيلزم كما لو شَكَّ في نية نفسه، وبخلاف ما لو شَكَّ في نِيةِ الإمام المسافر ابتداء حيث لم يلزمه الإتمام بذلك كما قدمناه؛ لأن النِّية لا يَطَّلِعُ عليها، ولم تظهر أمارةٌ مُشْعِرَةٌ بالإتمام، وهاهنا القيام فعل مشعر بالإتمام مخيل له.