للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه يبطل الجمع أيضاً كما لو صار مقيماً في أثناء صلاة القصر تبطل رخصة القصر، ويلزمه الإتمام، وعلى هذا هل الثانية تبطل أصلاً ورأساً، أو تبقى نفلاً؟ يخرج على القولين السابقين في نظائرها.

والثاني -وهو الأظهر-: أنها لا تبطل، ويكفي اقتران العذر بأول الثَّانية صيانة لها عن البطلان بعد الانعقاد على وجه الرخصة بخلاف مسألة القصر، فإن وجوب الإتمام لا يؤدي إلى بطلان ما مضى من صلاته، ولو صار مقيماً بعد الفراغ من الثانية فقد أطلق في الكتاب فيه وجهين مرتبين على الوجهين فيما إذا صار مقيماً في خلالها. إن قلنا: لا تَؤُثر الإقامة ثُمَّ فهاهنا أولى، وإن قلنا: تؤثر ثُمَّ فهاهنا وجهان:

أحدهما: أنها تؤثر؛ لأن الصَّلاة الفائتة مقدمة على وقتها كالزكاة تعجل قبل الحول، فإذا زال العذر وأدرك وقتها فليعد كما لو حال الحول، وقد خرج الأخذ عن الشَّرط المعتبر لا يعتد بما عجل.

وأظهرهما: أنها لا تؤثر؛ لأن رخصة الجمع قد تَمَّت، فأشبه ما لو قصر ثم طرأت الإقامة لا يلزمه الإتمام، وخص صاحب "التهذيب" وآخرون الخلاف بما إذا طرأت الإقامة بعد الفراغ من الصَّلاتين، إما في وقت الأولى أو في وقت الثانية، ولكن قبل مضي إمكان [فعلها، فأما لو طرأت بعد مضي إمكان فعلها] (١).

قالوا: لا يجب إعادتها وجهاً واحداً لبقاء العذر في وقت الوجوب، وتنزيل إطلاق الكتاب على ما ذكروه بَيِّن (٢)، لكن صاحب النِّهاية صرح بإجزاء الوجهين ما دام يبقى من وقت الثانية شيء والله أعلم.

وأما إذا جمع بينهما بالتأخير، ثم صار مقيماً بعد الفراغ منهما لم يصر، ولو كان قبل الفراغ [صارت] (٣) الأولى قضاء ذكره في "التتمة" وغيره، وكأن المعنى فيه أن الصلاة الأولى تَبَع للثَّانية عند التأخير فاعتبر وجود سبب الجمع في جميعها.

قال الغزالي: (أَمَّا المَطَرُ) فَيرَخَّصُ (ح ز) فِي القَدِيمِ فِي حَقِّ مَنْ يُصَلِّيِ بِالجَمَاعَةِ، فَأمَّا فِي المُنْفَرِدِ أَوْ مَنْ يَمْشِي إلَى المَسْجِدِ فِي رُكْنٍ فَوَجْهَانِ، وَفى التَّأْخِيرِ أَيْضاً وَجْهَانِ؛ لِأَنَّهُ لاَ يَثِقُ بِدَوَامِ المَطَرِ، وَلاَ بُدَّ مِنْ وُجُودِ المَطَرِ فِي أَوَّلِ الصَّلاَتيْنِ، فَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَ الصَّلاَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا فَهُوَ كَنِيَّةِ الإِقَامَةِ.

قال الرافعي: المطر سبب للجمع لما سبق، وللجمع طريقان التقديم والتأخير،


(١) سقط في (ط).
(٢) في ز "ما قيدوه هين".
(٣) في ط كانت.

<<  <  ج: ص:  >  >>