للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القُدْوَةِ الحُكْمِيَّةِ لِوُقُوعِهَا بَعْدَ الرُّكُوعِ الثَّانِي لِلْإِمَامِ، وَهَلْ تَصْلُحُ الحُكْمِيَّةُ لإدْرَاكِ الجُمُعَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، أَمَّا إِذَا تَابَعَ الإمَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ سُجُودِهِ الَّذِي سَهَا بِهِ فَقَدْ سَجَدَ مَعَ الإمَامِ حِسًّا وَتَمَّتْ لَهُ رَكْعَةٌ مُلَفَّقَةٌ.

قال الرافعي: القسم الثاني: أن لا يتمكن من السجود حتى يركع الإمام في الثَّانية، وفيما يفعل والحالة هذه؟ قولان:

أصحهما -وبه قال مالك وأحمد، واختاره القَفَّالُ-: أنه يتابعه فيركع معه لظاهر قوله: "إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فارْكَعُوا" (١) ولأنه أدرك الإمام في الركوع فيركع معه كالمسبوق.

والثاني -وبه قال أبو حنيفة-: لا يركع معه بل يراعى ترتيب [صلاة نفسه] (٢) فيسجد لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا" (٣). وقد سجد الإمام في الأولى فليسجد هو امتثالاً للأمر، ولأنه لو ركع لكان موالياً بين ركوعيه في ركعة واحدة، قال الرُّوَيانِيُّ: وهذا أصح.

التفريع: إن قلنا بالأول فإما أن يوافق ما أمرناه به، أو يخالف.

الحالة الأولى: أن يوافق فيركع فأي الركوعين يحسب له، فيه وجهان، وقيل: قولان.

أحدهما: الأول؛ لأنه أتى به في وقت الاعتداد بالركوع، وإنما أتى بالثاني لِعُذْرٍ، وهو موافقة الإمام، فأشْبَه ما لو وإلى بين ركوعين نَاسِياً.

والثاني: المحسوب الثاني؛ لأن المدة قد طالت وأفرط التخلف، فكأنه مسبوق لحق الآن فيحسب له الركوع وما بعده، ويلغى ما سبق، وذكروا أن منشأ هذا الخلاف التردد في تفسير لفظ الشافعي -رضي الله عنه- فإنه قال على هذا القول: "فيركع معه في الثَّانية وتسقط الأخرى" فَمِنْ قَائِل: أراد بالأخرى الأخيرة، ومِن قَائِلٍ: أراد الأولى، قالوا: والأول أَصَحُّ، والثَّاني أَشْبَهُ بِكَلاَمِهِ.

وقوله في الكتاب: "إما ملفقة إلى آخره وإما منظومة من هذا الركوع والسجود" أي: على هذا الوجه الثاني، فإن قلنا: بالوجه الثاني أجزأته الركعة الثانية من الجمعة، فيضم إليها أخرى عند سلام الإمام، وإن قلنا: بالأول فالحاصل ركعة ملفقة من هذا السجود، وذلك الركوع، وفي إدراك الجمعة بها وجهان:


(١) تقدم.
(٢) في (ب): صلاته.
(٣) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>