للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معذور فسحبوا حكم القدوة عليه، وقالوا: إن لم يفرط التخلف بأن سجد قبل ركوع الإمام ألحق اقتداؤه بالاقتداء الحقيقي، وجعل مدركاً للجمعة كما تقدم، فإما إذا سجد بعد ركوعه، فقد أفرط التخلف وانتهى الإمام إلى آخر ما به يدرك المسبوق الجمعة، فالمتم ركعته معرضاً عن الاقتداء به حقيقة، هل يكون مدركاً للجمعة؟ فيه وجهان:

وأصحهما: نعم، ويقرب توجيههما مما ذكرنا في الملفقة وقد عرفت مما ذكرنا أنه إلى ماذا أشار بقوله: "لوقوعها بعد الركوع الثاني للإمام" وأن الخلاف ليس في مطلق الحكمية، فإن السجود في حال قيام الإمام ليس على حقيقة المتابعة، ولا خلاف في إدراك الجمعة به ثم اعرف شيئين:

أحدهما: أنه أطلق الحكم باحتساب سجدتيه في الثانية، وتمام الركعة بهما، ثم نقل التردد في إدراك الجمعة بها، ولا شك في أن هذا التردد مخصوص بما إذا وقعتا قبل سلام الإمام، فإما إذا وقعتا أو شيء منهما بعد سلام الإمام فقد نصوا على أنه لا يكون مدركاً للجمعة، على أن في أصل الاحتساب إذا وقعتا قبل سلام الإمام إشكالاً؛ لأنا على القول الذي عليه التفريع، نأمره بالمتابعة بكل حال، فكما لا يحسب له السجود والإمام راكع؛ لأن فرضه المتابعة وجب أن لا يحسب له والإمام في ركن بعد الركوع، والمفهوم من كلام الأكثرين هذا، وهو عدم الاحتساب بشيء مما يأتي به على سبيل المتابعة، فإذا سلم الإمام سَجَدَ سجدتين لِتَمَامِ الركعة، ولا يكون مدركاً للجمعة.

نعم، صرح الصيدلاني باحتساب السجدتين، وبنقل الوجهين في إدراك الجمعة بها، كما ذكره في الكتاب والله أعلم.

الثاني: أنه زِيدَ في بعض النُّسَخِ بعد قوله: (فيجعل "كأنه لم يسجد") ثم إن أدرك الإمام راكعاً، عاد التفريع كما مضى، وإن فات الركوع ينظر بعده، فإن راعى وهكذا هو في "الوسيط" وليس في بعضها هذه الزيادة، والأمر فيها قريب، وعلى الأول فليس التفصيل المرتب على قوله: (فإن فات الركوع) مخصوصاً بما إذا فات الركوع عند فراغ المزحوم من السجود، بل لو كان الإمام في الركوع بعد، لكنه جرى على ترتيب صلاته، كان الحكم كما لو فات إلا أن يطيل الإمام ركوعه، فيكون بعد فيها حين سجد المزحوم في الثانية، فلا يعتد به، هذا كله فيما إذا جرى على ترتيب صلاته بعد فراغه من سجدتيه اللتين لم يعتد بهما، فأما إذا فرغ منهما، والإمام ساجد، فاتفق له متابعته في السجدتين، فهذا هو الذي نأمره به، والحالة هذه تفريعاً على هذا القول، فيحسبان له، ويكون الْحَاصِل ركعة ملفقة.

وأما النقصان الآخر فهو: مفقود هاهنا؛ لأنه سجد مع الإمام حِسًّا.

وقوله: (بعد سجوده الذي سها به) أي جهل حكمه فإنه بمثابة السهو، وإن وجده

<<  <  ج: ص:  >  >>