للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"التتمة": يسجد، ثم إن أدرك الإمام قبل الكلام فقد أدرك الجمعة، وإلا فلا (١) ولو كان الزحام في سجود الركعة الثانية وقد صلى الأولى مع الإمام فيسجد متى تمكن قبل سلام الإمام أو بعده، وجمعته صحيحة، وإن كان مسبوقاً لحقه في الثانية، فإن تمكن قبل سلام الإمام سجد، وقد أدرك ركعته، وإن لم يتمكن حتى سلم الإمام، فلا جمعة له، ولو زحم عن ركوع الركعة الأولى حتى ركع الإمام في الثَّانية يركع معه، قال الأكثرون: يعتد له بالركعة الثَّانية، وتسقط الأولى، ومنهم من قال: الحاصل ركعة ملفقة.

قال الغزالي: وَمَهْمَا حَكَمْنَا بِأنَّهُ لَمْ يُدْرِكِ الجُمُعَةَ فَهَلْ تَنْقَلِبُ صَلاتُهُ ظُهْراً؟ فيه قَوْلاَنِ يُعَبَّرُ عَنْهُمَا بِأَنَّ الجُمُعَةَ قِي ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ أَمْ هِيَ صَلاةٌ علَى حِيَالِهَا (٢) فَإِنْ قُلْنَا: لاَ تَنْقَلِبُ ظُهْرًا فَهَلْ تَبْقَى نَفْلاً؟ يُبْنَى عَلَى القَوْلَيْنِ فِي المُتَحَرِّمِ بِالظُّهرِ قَبْلَ الزَّوَالِ.

قال الرافعي: إذا عرضت حالة في الصلاة تمنع من وقوعها جمعة في صورة الزّحام وغيرهما، فهل يتم صلاته ظُهْراً؟ فيه قولان يتعلقان بأصل، وهو أن الجمعة ظهر مقصورة أو هي صلاة على حالها؟ وقد اختلف قول الشافعي -رضي الله عنه- في فروع تقتضي اختلافه في هذا الأصل.

أحدهما: أنها ظهر مقصورة؛ لأن وقتها وقت الظهر، ولكن وجب القصر فيها عند تمام شروطها.

والثاني: أنهما صلاة على حيالها، ألا ترى أنه لا يجوز فعلها في سائر الأيام، ولا يجوز فعل الظهر في هذا اليوم.

فإن قلنا: إنها ظهر مقصورة، فإذا فات بعض شرائط الجمعة أتمها ظهراً كالمسافر إذا فات شروط قصره.

وإن قلنا: إنها فرض آخر فهل يتم، فيه وجهان مذكوران في "التهذيب" وغيره.

أحدهما: لا؛ لأنه شرع فيها بنية الجمعة.

والثاني: نعم؛ لأنهما فرضُ وقتٍ وَاحِدٍ.

وقوله في الكتاب: (فهل تنقلب صلاته ظهراً؟) يشعر بأن الخلاف في انقلابه بنفسه، وفي "النهاية" حكاية وجهين (٣) في ذلك على قولنا: أنه تتم صلاته ظهراً.


(١) قال إمام الحرمين: لو رفع المزحوم رأسه من السجدة الثانية، فسلم الإمام قبل أن يعتدل المزجوم ففيه احتمال، قال والظاهر أنه مدرك للجمعة، قاله النووي. الروضة (١/ ٥٢٧).
(٢) قال النووي: أظهرهما صلاة بحيالها. الروضة (١/ ٥٢٨).
(٣) قال النووي: الأصح لا يثشرط، وهو مقتضى كلام الجمهور. الروضة (١/ ٥٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>