أحدهما:[أنها](١) تنقلب ظهراً من غير قصدٍ منه؛ لأنا إذا جعلناها ظُهْراً مقصورة، فمتى بطل القصر ثبت الإتمام.
والثاني: أن الشرط أن يقلبهما ظهراً بقصده؛ لأن بين الجمعة والظهر تغايراً في الجملة ليس بين القصر والإتمام، فلا بد من قصد البناء، والظاهر من الخلاف في المسألة أن له أن يتمها ظُهْراً، وإذا قلنا: لا يتمها ظهراً فهل تبقى صلاته نفلاً أم تبطل من أصلها؟ فيه القولان السابقان فيما إذا تحرم بالظُّهرِ قبل الزوال ونظائرها؛ ثم قال إمام الحرمين: قول البطلان لا ينتظم تفريعه إذا أمرناه في صورة الزحام بشيء فوافق أمرنا؛ لأن الأمر بالشيء والحكم ببطلانه ورفعه آخراً محال، فليكن ذلك مخصوصاً بما إذا أمرناه بشيء، فخالف، وحيث أطلق الأئمة ترتيب الخلاف وتنزيله فهو محمول على هذا.
قال الغزالي: وَالنِّسْيَانُ هَل يَكُونُ عُذْراً كَالزِّحامِ؟ فيه وَجْهَانِ.
قال الرافعي: التخلف بالنسيان هل هو كالتخلف بالزحام؟ فيه وجهان:
أصحهما: نعم؛ لمكان العذر.
والثاني: لا؛ لأنه نادر، ولأنه مفرط إذ هو بسبيل من إدامة الذِّكْرِ، هكذا أطلق جماعة نقل الوجهين منهم المصنِّف، والمفهوم من كلام الأكثرين أن في ذلك تفصيلاً: إن تأخر سجوده عن سجدتي الإمام ثم سجد في حال قيام الإمام فالحكم كما ذكرناه في الزحام، وكذلك لو تأخر لمرضٍ لشمول العذر، وعدم إفراط التخلف، وإن بقي ذاهلاً عن السجود حتى ركع الإمام في الثانية ثم تنبه فهاهنا خلاف، منهم من قال: فيه القولان في المزحوم:
أحدهما: يركع معه.
والثاني: يجري على ترتيب صلاة نفسه، وبهذا قال القاضي أبو حامد، ومنهم من قال: يتبعه قولاً واحداً؛ لأنه مُقَصِّر بالنِّسْيَانِ، فلا يجوز له ترك المتابعة، وهذا أظهر عند القاضي الروياني.
خاتمة: الزحام كما يفرض في صلاة الجمعة، يفرض في سائر الصلوات وإنما يذكر في الجمعة خاصة؛ لأن الزحمة فيها أكثر، ولأنها يجتمع فيها وجوه من الإشكال لا تجري في غيرها مثل التردد في أن الركعة الملَفَّقَة هل تدرك بها الجمعة؟ وكذا التردد في القدوة الحكمية، والتردد في أن المبنية على أن الجمعة ظهر مقصورة، ولأن