للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجماعة شرط فيها ولا سبيل إلى المفارقة ما دام يتوقع إدراك الجمعة بخلاف سائر الصلوات.

إذا عرفت ذلك، فإذا فرض الزَّحمة في سائر الصلوات وامتنع عليه السجود في الأولى حتى يركع الإمام في الثانية اطرد فيه القولان، وحكى القاضي ابْنُ كَجٍّ طريقتين أخريين:

إحداهما: أنه يركع معه بلا خلاف.

والثاني: أنه يراعي ترتيب صلاته بلا خلاف.

قال الغزالي: الشَّرْطُ السَّادِسُ: الخُطْبَةُ، وَأَرْكَانُهَا خَمْسَةٌ: (ح)، الحَمْدُ لِلَّهِ وَيتَعَيَّنُ هَذَا اللَّفْظُ، وَالصَّلاة عَلَى رَسُولِ اللهِ ويَتَعَيَّنُ لَفْظُ الصَّلاَةِ، وَالوصِيَّةُ بِالتَّقْوَى، وَلاَ يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا إِذْ غرَضُهُ الوَعْظُ، وَأَقَلُّهَا أَطِيعُوا اللهَ، والدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَأَقَلُّهُ رَحِمَكُمُ اللهُ، وَقِرَاءَةُ القُرْآنِ، وَأَقَلُّهَا آَيَةٌ، وَالدُّعَاءُ لاَ يَجِبُ إِلاَّ فِي الثَّانِيَةِ، وَالقِرَاءَةُ تَخْتَصُّ بِالأُولَى عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وَالتَّحْمِيدُ وَالصَّلاَةُ وَالوَصِيَّةُ وَاجِبَةٌ فِي الخُطْبَتَيْنِ.

قال الرافعي: من شرائط الجمعة تقدم خطبتين "لِأَنَّ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ إِلاَّ بِخُطْبَتَيْنِ" (١) وقد قال: "صَلُّوا كَمَا رَأيْتُمُونِي أُصَلِّي" (٢) وروي عن عمر -رضي الله عنه- وغيره "أن الصَّلاَةَ إِنَّمَا قُصِرَت لِلْخُطْبَةِ" (٣).

والكلام في واجبات الخطبة وسننها.

أما الواجبات: فقد جعلها قسمين: الأركان والشرائط، وعد الأركان خمسة:

أحدها: حمد الله تعالى لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- "خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَحَمِدَ اللهُ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ" (٤)، ويتعين لفظ الحمد اتباعا لما درجوا عليه من عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى عصرنا هذا.

والثاني: الصَّلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله تعالى افتقرت إلى ذكر رسوله كالأذان والصَّلاة، ويتعين لفظ الصلاة كما ذكرنا في الحمد،


(١) قال الحافظ ابن حجر في التلخيص (٢/ ٥٨): لم أره هكذا، وهو عند البخاري، ومسلم من حديث ابن عمر أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب خطبتين، يقعد بينهما، البخاري (٩٢٨) ومسلم (٨٦١).
(٢) تقدم.
(٣) ذكره أبو بكر الرازي من قول عمر، ورواه البيهقي من قول سعيد بن جبير، الخلاصة (١/ ٢٢٣) والتلخيص (٢/ ٧٣).
(٤) أخرجه مسلم من رواية جابر (٨٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>