للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحكى ذلك عن نص الشافعي -رضي الله عنه-، ولا فرق بين أن يكون مضمونها وَعْداً أو وعيداً أو حكماً أو قصة، قال الإمام: ولا يبعد الاكتفاء بشطر آية طويلة، ولا شك أنه لو قال: "ثُمَّ نَظَرَ" (١) لم يكف وإن عد آية بل يعتبر أن تكون مفهمة، واختلفوا في محلها على ثلاثة أوجه:

أظهرها -وينقل عن نصه في الأمِّ-: أنها تجب في إحداهما لا بعينها؛ لأن المنقول أنه كان يقرأ في الخطبة وهذا القدر لا يوجب كون القراءة فيهما ولا في واحدة على التعيين.

والثاني: أنها تجب فيهما؛ لأنها ركن فأشبهت الثلاثة الأول.

والثالث: أنها تختص بالأولى في مقابلة الدعاء المختص بالثانية، وهذا ظاهر لفظه في "المختصر".

وقوله في الكتاب: (والقراءة تختص بالأولى على أحد الوجهين) تعرض لهذا الوجه الثالث، ويمكن إدراج الوجهين الآخرين في مقابله بأن يقال: والثاني لا يختصِ، وعلى هذا تجب فيهما أو تجب في واحدة لا على التعيين، فيه وجهان. "وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْخُطْبَةِ سُورَةَ (ق)، رُوِيَ ذلِكَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-" (٢) وإن قرأ آية سجدة نَزَلَ وَسَجَدَ، فإن كان المنبر عالياً لو نزل لطال الفصل، ففيه الخلاف المذكور في اشتراط الموالاة، ولا تداخل في الأركان المذكورة، حتى لو قرأ آية فيها موعظة، وقصد إيقاعها عن الجهتين، لم يجز، ولا يجوز أن يأتي بآيات تشتمل على الأركان المطلوبة فإن ذلك لا يسمى خطبة، ولو أتى ببعضها في ضمن آية لم يمتنع.

وقوله في الكتاب: (وأركانها خمسة) معلم بالواو للخلاف المذكور في القراءة والدعاء، وبالحاء؛ لأن عنده يكفيه أن يقول: الْحَمْدُ للهِ، أو لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ أو نحوهما، وبالميم؛ لأنه روي عن مالك مثل مذهب أبي حنيفة، وروي أنه قال: لا يجزئه إلا ما سمته العرب خطبة، ويجوز أن يعلم كل واحد من الأركان بعلامتها؛ لما ذكرنا، وكذا الحكم بتعين الحمد لله والصلاة، ولك أن تبحث في شيئين من قوله: (ويتعين هذه اللفظة) وقوله: (يتعين لفظ الصلاة):

أحدهما: أن الحكم بتعين اللفظين يقتضي عدم إجزائهما بغير العربية، فهل هو كذلك؟


(١) سورة المدثر، الآية ٢١.
(٢) أخرجه مسلم من رواية أم هشام بنت حارثة (٨٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>