والجواب: أنَّ في اشتراط كون الخطبة كلها بالعربية وجهين.
أصحهما: أنه شرط اتباعاً لما جرى عليه النَّاس.
والثاني: ذكره في "التتمة" مع الأول: أنه لا يشترط اعتباراً بالمعنى، فعلى الصَّحيح لو لم يكن فيهم من يحسن العربية خطب بغيرها، ويجب أن يتعلم واحد منهم الخطبة بالعربية، كالعاجز عن التكبير بالعربية عليه التعَلم، فلو مضت مدة إمكان التعلم ولم يتعلموا عصوا، وليس لهم الجمعة.
الثاني: لم قال في الحمد لله: (وتتعين هذه اللفظة) ولم يقل مثل ذلك في الصلاة على رسول الله، ولكن خَصَّ التعيين بالصلاة؟
والجواب: إنما لم يقل في الصَّلاة، وتتعين هذه اللفظة؛ لأنه لو قال: والصلاة على محمد، أو على النبي جاز ولا يشترط التعرض للفظ الرسول.
وقوله في الحمد: (وتتعين هذه اللفظة) مقتضاة أنه لو قال: الحمد للرحمن أو الرحيم، لا يجزئه، وذلك مما لا يبعد كما في كلمة التكبير، لكن لم أره مسطوراً، فأما أن قوله: "والصلاة على النبي مجزئ فلا شك فيه"، وهو لفظ الشافعي -رضي الله عنه- في "المختصر".
قال الغزالي: وَشَرَائِطُهَا سِتٌّ، الوَقْتُ وَهُوَ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَتَقْدِيمُهَا عَلَى الصَّلاَة بِخِلاَفِ صلاَةِ العِيدَيْنِ، وَالْقِيَامُ فِيهِمَا، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ الخُطْبَتَيْنِ مَعَ الطَّمَأْنِينَةِ، وَفِي طَهَارَةِ الخَبَثِ والحَدَثِ وَالمُوَالاَةِ خِلاَفٌ.
قال الرافعي: لما فرغ من الأركان اشتغل بذكر الشرائط وعدها سِتًّا، وهذا الفصل يشتمل على خمس منها:
إحداها: الوقت، وهو ما بعد الزَّوال، فلا يجوز تقديم الخطبتين، ولا شيء منهما عليه خلافاً لأحمد حيث قال: يجوز كما حكينا عنه في نفس الصلاة، ولمالك حيث جوز تقديم الخطبة على الزوال وإن لم يجز تقديم الصلاة.
لنا: ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ يَخْطُبُ يَومَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ" (١).
ولو جاز التقديم لقدمها تخفيفاً على المبكرين، وإيقاعاً للصلاة في أول الوقت.
(١) قال الحافظ ابن حجر (٢/ ٥٩) لم أره هكذا، وفي الأوسط للطبراني من حديث جابر. كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس صلى الجمعة، وإسناده حسن، وأما الخطبة فلم أره، لكن في النسائي أن خروج الإمام بعد الساعة السادسة، وهو أول الزوال.