للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأركان؟ فاعلم: أن إمام الحرمين أجاب عنه بأن قال: الأمر فيه قريب، ولا حجر على من بعدهما من الأركان كما في الصلاة، ولا على من لا يعدهما من الأركان في الصلاة أيضاً، ونقول: المقصود ما يقع فيهما، وهما محالان، ويجوز الفرق بأن الغرض من الخطبة الوعظ، وهو أمر معقول، ولا يصح (١) في الصلاة أمر معقول، فجعل القيام بمثابة ما فيه، وهاهنا عد شرطاً ومحلاً لما هو المقصود.

الخامسة: هل يشترط في الخطبة طهارة الحدث وطهارة البدن والثوب والمكان عن الخبث؟ فيه قولان:

القديم: لا، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد؛ لأن الخطبة ذِكْرٌ يتقدم الصَّلاة فأشبه الآذان.

والجديد: نعم اتباعاً لما جرت الأئمة عليه في الأعصار كلها، وهذا الخلاف مبني عن بعض الأئمة على أن الخطبتين بدل عن الركعتين، أم لا؟ وقال إمام الحرمين: وهو مبني على أن الموالاة في الخطبة هل هي شرط أم لا؟ إن قلنا: نعم، فلا بد من أن يكون متطهراً؛ لأنه يحتاج إلى الطهارة بعد الخطبة فتختل الموالاة.

وإن قلنا: لا تشترط الموالاة لا تشترط الطَّهارة، ومنهم من جعل الخلاف في الطهارة وجهين، والقولان أشْهَرُ، وقد طرد الخلاف في سَتْرِ العورة، أما من يبنى على أن الخطبتين بدل من الركعتين أم لا فتوجيهه هَيِّنٌ على أصله، وأما من لم يبن عليه فقد قال الإمام: سبب الاشتراط بروز الخطيب، وما فيه من هتكة الانكشاف لو لم يتستر.

وقوله: (في طهارة الحدث) لفظ (الحدث) يشمل الحدث الأصغر والأكبر، وقد صَرَّحَ في "التتمة" بطرد الخلاف في اشتراط الطهارة عن الحدث والجنابة جميعاً، لكن قال في "التهذيب": إن خطب جنباً لم تحسب قولاً واحداً؛ لأن القراءة شَرْطٌ، ولا تحسب قراءة الجنب، وهذا أوضح (٢) والخلاف الذي أرسله المراد منه ما بيناه، ونقله المصنف في "الوسيط" وجهين وأما الخلاف في الموالاة فهو قولان، ومسألة الموالاة مكررة قد ذكرها مرة في الشرط الرابع للجمعة، وإنما جمع بينها وبين الطهارة لتناسب والبناء الذي ذكره الإمام، وإذا اشترطنا الطهارة فلو سبقه الحدث في [الخطبة] (٣) لم


(١) في "ب": ولا يتضح.
(٢) الصحيح أو الصواب قول صاحب "التتمة"، وقد جزم به الرافعي في "المحرر" وقطع الشيخ أبو حامد، والماوردي وآخرون: بأنه لو بان لهم بعد فراغ الجمعة أن إمامهم كان جنبا أجزأتهم، ونقله أبو حامد، والماوردي، والأصحاب عن نصه في "الأم" قال النووي. الروضة (١/ ٥٣٢).
(٣) في "ط": الجمعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>