للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَسْجِدِ، ثُمَّ صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرِ فَكَانَ يَخْطُب عَلَيْهِ" (١).

والسنة: أن يوضع على يمين المحراب، هكذا وضع منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والمراد من يمين المحراب الموضع الذي يكون على يمين الإمام إذا استقبل، ويكره وضع المنبر الكبير الذي يضيق المكان على المصلين إذا لم يكن المسجد متسع الخطة، فإن لم يكن منبر خطب على موضع مرتفع ليبلغ صوته الناس.

ومنها: أن يسلم على من عند المنبر إذا انتهى إليه، لما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ إِذَا دَنَا مِنْ مِنْبَرِهِ سَلَّمَ عَلَى مَنْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ يَصْعَدُ فَإذَا اسْتَقْبَل النَّاسَ بِوَجْهِهِ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَعَدَ" (٢).

ومنها: إذا بلغ في صعوده الدرجة التي تلي موضع القعود ويسمى ذلك الموضع المستراح، أقبل على الناس بوجهه وسلم عليهم، خلافاً لمالك وأبي حنيفة حيث قالا: يكره هذا السَّلام.

لنا خبر ابن عمر -رضي الله عنهما- وروي أنه -صلى الله عليه وسلم-: "اسْتَوَى عَلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي تَلِي الْمُسْترَاحِ قَائِماً ثُمَّ سَلَّمَ" (٣).

ومنها: أن يجلس بعد السلام على الموضع المسمى بالمستراح ليستريح من تعب الصعود روي أنه -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وَيجْلِسُ جَلْسَتَيْنِ" (٤) والمراد هذه الجلسة والجلسة بين الخطبتين ومتى جلس يشتغل المؤذن بالأذان قال الأئمة: "وَلَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ رسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلاَ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- لِلْجُمْعَةِ أَذَانٌ قَبْلَ هذَا الأَذَانِ فَلَمَّا كَانَ فِي عَهْدِ عُثْمَانَ، كَثُرَ النَّاسُ وَعَظُمَت البَلْدَة أَمَرَ الْمُؤَذِّنِينَ بَالتَّأْذِينَ عَلَى مَكَانِهِم" ثم كان يؤذن المؤذن بين يديه إذا استوى على المنبر فثبت الأمر على ذلك ويديم الإمام الجلوس إلى فراغ المؤذن من الأذان.

وقوله: (إلى أن يفرغ المؤذن) وحد لفظ المؤذن، ويمكن حمله على ما [حكى] (٥) في "البيان" عن صاحب "الإفصاح" والمحاملي أن المستحب أن يكون المؤذن واحداً، "لأنه لم يكن يُؤَذِّنُ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة إلا وَاحِدٌ" (٦) وفي كلام


(١) أخرجه البخاري (٩١٨، ٢٠٩٥، ٣٥٨٤، ٣٥٨٥) من حديث جابر: ومن حديث ابن عمر (٣٥٨٣).
(٢) أخرجه ابن عدي في الكامل (٥/ ١٨٩٣) والبيهقي (٣/ ٢٠٥).
(٣) انظر التخريج السابق، وقال النووي: صحيح، انظر شرح المهذب (٤/ ٤٠٠).
(٤) تقدم.
(٥) في ط (ما روي).
(٦) أخرجه البخاري (٩١٢، ٩١٣، ٩١٥، ٩١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>