للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقتضي الجزم بتحريم الكلام على الأربعين، وهذا التقدير بعيد في نفسه ومخالف لما نقله الأصحاب أما بعده في نفسه فلأن الكلام في السامعين للخطبة ألا تراه يقول بعد ذلك: (وفي وجوبه على من لا يسمع الخطبة وجهان) وإذا حضر جمع زائد على الأربعين، وهم بصفة الكمال، فلا يمكن أن يقال: بأن الجمعة تنعقد بأربعين منهم على التعيين، حتى يفرض تحريم الكلام عليهم قطعاً، والتردد في حق الآخرين بل الوجه الحكم بانعقاد الجمعة بهم أو بأربعين منهم لا على التعيين [حتى يفرض تحريم الكلام عليهم قطعاً والتردد في حق الآخرين، بل الوجه الحكم بانعقاد الجمعة بهم أو بأربعين منهم لا على التعيين] (١) وأما مخالفته لنقل الأصحاب، فإنك لا تجد للجمهور إلا إطلاق قولين في السامعين، ووجهين في حق غيرهم كما سبق، ويجوز أن يعلم قوله: (قولين) بالواو إشارةً إلى الطريقة الجازمة بالوجوب المروية عن أبي إسحاق.

وقوله: (كما لا يحرم الكلام على الخطيب) معلم بالحاء والميم، هذا آخر ما ذكره في الكتاب من واجبات الخطبة ووراءها واجبات أخر.

منها: أن تكون بالعربية كما سبق.

ومنها: نية الخطبة وفرضيتها، حكى عن القاضي الحسين اشتراط ذلك كما في الصَّلاة.

ومنها: التَّرتِيب ذكر صاحب "التهذيب" وغيره أنه يجب الترتيب بين الكلمات الثلاث المشتركة بين الخطبتين، يبتدئ بالتحميد، ثم بالصلاة، ثم بالوصية، ولا ترتيب بين القراءة والدّعاء، ولا بينهما، ولا بين غيرهما، ونفى صاحب "العدة" وآخرون وجوب الترتيب في ألفاظها أصلاً، وقالوا الأفضل رعايته (٢).

قال الغزالي: وَأَمَّا سُنَنُ الخُطْبَةِ فَأَنْ يُسلّم الخَطِيبُ عَلَى مَنْ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ إِذَا صَعَدَ المِنْبَرَ أَقْبَلَ وَسَلَّمَ (م ح) وَجَلَسَ إِلَى أَنْ يَفْرَغَ المُؤَذِّنُ.

قال الرافعي: سنن الخطبة ثلاث جمل:

إحداها: السنن السابقة على نفس الخطبة.

منها: أن يخطب على المنبر: "كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ مُسْتَنِداً إِلَى جِذْعٍ فِي


(١) سقط من "ب".
(٢) قال النووي: قطع صاحب (الحاوي) وكثيرون من العراقيين، بأنه لا يجب الترتيب، ونقله في (الحاوي) عن نص الشافعي -رحمه الله- وهو الأصح. الروضة (١/ ٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>