للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس: الصِّحة فلا جمعة على مريض للخبرين، ولا فرق بين أن تفوت الجمعة بتخلفه لنقصان العدد دونه وتمامه به، وبين أن لا تفوت ثم في الفصل صور:

إحداها: من فقد شرطاً من الشروط المذكورة كما لا تلزمه الجمعة لا يتم العدد به سوى المريض؛ لأنه متوطن ليس به نقيصة، وغيره إما ناقص أو غير متوطن، وفي معنى المرض أعذار نذكر في الفَصْل التالي لهذا الفَصْل فلا يجب على صاحبها الجمعة، وتَنْعقد به، وقوله: "فالعاري عن هذه الصفات" أي عن مجموعها، وقد يوجد فيه بعضها وقد لا يوجد شيء منها، وقوله: "لم يتم العدد به" معلم بالحاء، وقوله: "سوى المريض" بالواو، لما سبق في الشرط الرابع للجمعة.

الثانية: من لا تلزمه الجمعة، إذا حَضَر الجمعة وصلاها انعقدت له وأجزأته لأنها أكمل في المعنى، وإن كانت أقصر في الصورة، فإذا أجزأت الكاملين الدين لا عذر لهم، فلأن تجزي أصحاب العذر كان أولى، ويستثنى عن هذا المجنون، فإنه لا اعتداد لفعله.

الثالثة: الدين لا تلزمهم الجمعة إذا حضروا الجامع، هل لهم أن ينصرفوا ويصلؤا الظهر؟ أما الصبيان والنّسوان والعبيد والمسافرون فلهم ذلك؛ لأن المانع من وجوب الجمعة عليهم الصّفات القائمة بهم، وهي لا ترتفع بحضورهم، وأما المرضى فقد أطلق كثيرون في أنه ليس لهم بعدما حضروا الانصراف، وتلزمهم الجمعة؛ لأن المانع في حقهم المشقة فقد ارتفع هذا المانع وتعب العود، لا بد منه، سواء صلى الجمعة أو الظهر.

وفَصَّل إمام الحرمين فقال: إذا حَضَرَ المريض قبل دخول الوقت فالوجه القطع بأن له أن ينصرف، وإن دخل الوقت وقامت الصَّلاة لزمه الجمعة، وإن كان يَتَخَلَّل زمان بين دخول الوقت وبين الصلاة، فإن لم يلحقه مزيد مَشَقَّة في الانتظار حتى تقام الصَّلاة لزمه ذلك، وإن لَحِقَهُ لم يلزمه، وهذا تفصيل فقيه، ولا يبعد أن يكون كلام المطلقين منزلاً عليه، وألحقوا بالمرضى أصحاب المعاذير الملحقة بالمرض، وقالوا: إنهم إذا حضروا لزمهم الجمعة، ولا يبعد أن يكون هذا على التَّفْصِيل أيضاً؛ إن لم يزدد ضرر المعذور بالصَّبْرِ إلى إقامة الجمعة، فالأمر كذلك، وإن زاد فله الانصراف وإقامة الظهر في منزله، وذلك لكما في الخائف على ماله، ومهما كانت مدة غيبته أطول كان احتمال الضياع أقرب، وكذلك الممرض يزداد ضرره بالانتظار، والله أعلم. وهذا كله فيما قبل الشّروع في الجمعة، فأما إذا أحرم الدين لا تلزمهم الجمعة بالجمعة ثم أرادوا الانصراف قال في "البيان": لا يجوز ذلك للمسافر والمريض، وذكر في العبد والمرأة وجهين عن حكاية الصيمري (١) وقوله في الكتاب: "ولهم أداء الظهر مع الحضور" يجوز أن يعلم


(١) قال النووي: الأصح أنه لا يجوز لهما، لأن صلاتهما انعقدت عن فرضهما، فيتعين إتمامها، وقد =

<<  <  ج: ص:  >  >>