للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالواو؛ لأنه لم يستثن عنه إلا المريض، وقد خرج صاحب "التلخيص" في العبد أنه تلزمه الجمعة، إذا حضر كالمريض، قال، في "النهاية" وهذا غلط باتفاق الأصحاب، ولا يوجد في جميع نسخ كتابه، فلعله هفوة من ناقل.

قال الغزالي: وَيلْتَحِقُ بِعُذْرِ المَرَضِ المَطَرُ وَالوَحْلُ الشَّدِيدُ، وَكُلُّ مَا ذُكِرَ مِنَ المُرَخَّصَاتِ فِي تَرْكِ الجَمَاعَةِ، وَيتْرُكُ بِعُذْرِ التَّمْرِيضِ أَيْضًا إِذَا كَانَ المَرِيضُ قَرِيباً مُشْرِفاً عَلَى الوَفَاةِ، وَفِي مَعْنَاهُ الزَّوْجَةُ وَالمَمْلُوكُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشْرِفاً وَلَمْ يَنْدَفِعْ بِحُضُورِهِ ضَرَرٌ لَمْ يَجُزِ التَّرْكُ، وَإِنْ انْدَفَعَ بِهِ ضَرَرٌ جَازَ.

قال الرافعي: ما يمكن فرضه في صَلاة الجُمُعة من الأعذار المرَخَّصة في ترك الجماعة يرخص في ترك الجمعة أيضاً، وهذا القيد لا بد منه، وإن أطلق قوله: "وكل ما ذكر من المُرَخَّصَات في ترك الجماعة" لأن مما ذكر من المرخصات الريح العاصفة، وهي مرخصة بِشَرْط كونها في اللَّيْلِ، وهذا الشَّرْط لا يتصور هَاهُنَا، وقد سبق شرح تلك الأعذار، وكنا أخرنا عنها الكلام في شيئين فنذكرهما.

أحدهما: الوحل الشديد، وفيه وجهان:

أصحهما -وهو المذكور في الكتاب-: أنه عذر لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا ابْتُلَّتِ النّعَالُ فَالصَّلاَةُ فِي الرِّحَالِ" (١).

والثاني: ليس بعذر؛ لأن له عدة دافعة، وهي الخفاف والصَّنَادل، وهذا يشكل بالمطر، وذكر في "العدة" وجهاً فارقاً، وهو أن الوحل ليس بعذر في صلاة الجُمُعَة، وهو عذر في ترك الجماعة في سائر الصَّلَواتِ، لأنها تتكرر في اليوم والليلة خمس مَرَّات، قال: وبهذا أفتى أئمة طبرستان.

والثاني: التمريض والمريض، لا يخلو إما أن يكون له من يتعهده [أو لا يكون.

القسم الأول: أن يكون له من يتعهده] (٢) ويقوم بأمره فينظر: إن كان قريباً وهو مشرف على الوفاة فله أن يتخلف عن الجمعة ويحضر عنده، روي أن ابن عمر -رضي الله عنهما- "تَطَيَّبَ لِلْجُمُعَةِ، فَأُخْبِرَ أَن سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ -رضي الله عنه- مَنْزُولٌ بِهِ، وَكَانَ قَرِيبًا لَهُ فَأَتَاهُ وَتَرَكَ الْجُمُعَةِ" (٣)، والمعنى فيه شغل القلب السالب للخشوع لو حضر،


= قدمنا أن من دخل في فرض لأول الوقت، لزمه إتمامه على المذهب والمنصوص فهنا أولى. الروضة (١/ ٥٤٠).
(١) تقدم.
(٢) سقط من "ب".
(٣) أخرجه البخاري (٣٩٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>