للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن لم يكن مشرفاً على الوفاة لكن كان يستأنس به، فله أن يتخلف أيضاً ويمكث عنده ذكره في "التهذيب"، وإن لم يكن استئناس أيضاً فليس له التخلف، وحكى أصحابنا العراقيون عن ابن أبي هريرة وجهاً آخر، أن له [التخلف] (١) عند شِدَّة المرض لشغل القلب بشأنه، وإن كان المريض أجنبيًّا لم يجز التخلف للحضور عنده في هذا القسم بحال، وفي معنى القريب المملوك والزوجة وكل من بينه وبينه مصاهرة، وذكر المحاملي وغيره أن الصَّديق أيضاً كالقريب.

القسم الثاني: أن لا يكون للمريض متعهد، قال الإمام: إن كان يخاف عليه الهلاك، لو غاب عنه، فهو عذر في التخلف، سواء كان قريباً أو أجنبياً، فإن إنقاذ المسلم من الهلاك من فروض الكفايات، وإن كان يلحقه بغيبته ضرر ظاهر، لا يبلغ دفعه مبلغ فروض الكفايات، ففيه وجوه:

أصحها: أنه عذر أيضاً، فإن دفع الضرر عن المسلم من المهمات.

والثاني: أنه ليس بعذر؛ لأن ذلك مما يكثر وتجويز التخلف له قد يتداعي إلى تعطيل الجمعة.

والثالث: الفرق بين القريب والأجنبي لزيادة الرّقة والشفقة على الغريب، ولو كان له متعهد، لكن لم يتفرغ لخدمته لاشتغاله بشراء الأدوية أو بشراء الكفن وحفر القبر، إذا كان منزولاً به فهو كما لو لم يكن متعهد.

وقوله في الكتاب: (وإن لم يكن مشرفاً) المراد منه، وإن لم يكن المريض مشرفاً، ولو قدر أن المراد وإن لم يكن القريب مشرفاً لزم أن يكون لفظ الكتاب ساكتاً عن حكم الأجنبي مع أن الحكم المرتب على قوله: "وإن لم يكن مشرفاً" يستوي فيه القريب والأجنبي.

وقوله: (ولم يندفع بحضوره ضرر) يدخل فيه ما إذا كان مستغنياً في تلك الحالة عن خادم ومتعهد، وما إذا كان له متعهد يراعيه.

وقوله: (وإن اندفع به ضرر جاز) جواب (٢) على الوجه الأصح، وينبغي أن يكون معلماً بالواو؛ لما ذكرنا.

ويجب على الزَّمن أن يحضر الجمعة، إذا وجد مركباً ملكاً أو إجارة أو عارية، ولم يشق عليه الركوب، وكذا الشيخ الضعيف ويجب أيضاً على الأعمى إذا وجد قائداً متبرعاً أو بأجرة، فله مال، فإن لم يجد قائداً لم يلزمه الحضور، هكذا أطلق الأكثرون،


(١) في "ب": له أن يتخلف.
(٢) في "ب": الجواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>