للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن القاضي الحسين أنه إن كان يحسن المشي بالعصا من غير قائد لزمه ذلك، وعن أبي حنيفة أن الجمعة لا تجب على الأعمى بحال.

قال الغزالي: فُرُوعٌ، فِي صِفَاتِ النُّقْصَانِ: مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنصْفُهُ رَقِيقٌ كَالرَّقِيقِ، وَقِيلَ: تَلْزَمُهُ الجُمُعَةُ الوَاقعَةُ فِي نَوْبَتِهِ عِنْدَ المُهَايَأة.

قال الرافعي: المسائل المذكورة من هذا الموضع إلى آخر الباب متفرعة على صفات النقصان، ومتعلقة بها، وقد عدها في "الوسيط" ستة فروع:

وأحدها: ظاهر المذهب أن من بعضه حر وبعضه رقيق لا تلزمه الجمعة، كما لو كان كله رقيقاً؛ لأن رق البعض يمنع من الكمال والاستقلال، وذلك معتبر في لزوم الجمعة، ولهذا لا تجب على المكاتب، وفيه وجه أنه لو جرى بينه وبين السيد مهايأة تلزمه الجمعة الواقعة في نوبته؛ لاستقلاله في ذلك اليوم، وضعفه الإمام بأن قال: مثل هذا الشخص مدفوع في نوبة نفسه إلى الجد في الكسب لنصفه الحر، فهو في شُغْلٍ شَاغِلٍ لمكان الرق، قال: ولا شَكَّ في أن الجمعة لا تنعقد به والخلاف في الوجوب عليه.

قال الغزالي: وَالمُسَافِرُ إِذَا عَزَمَ عَلَى الإِقَامَةِ بِبَلْدَةٍ مُدَّةً لَزِمَتْهُ الجُمُعَةُ ثُمَّ لَمْ يَتِمَّ العَدَدُ بِهِ.

قال الرافعي: الثاني: الغرباء إذا أقاموا ببلدة نظر إن اتخذوها وطناً فحكمهم حكم أْهلها تلزمهم الجمعة ويتم العدد بهم، وإن لم يتخذوها وطناً بل عزمهم الرجوع إلى بلادهم بعد مدة قصيرة أو طويلة، كالمتفقه والتجار فهؤلاء تلزمهم الجمعة إذا استجمعوا صفات الكمال؛ لأنهم ليسوا بمسافرين، فلا يترخصون بترك الجمعة، كما لا يترخصون بالقَصْرِ والفِطْر، وهل يتم عدد الجمعة بهم؟ فيه وجهان:

أحدهما -وبه قال ابن أبي هريرة-: نعم؛ لأن من وجبت عليه الجمعة انعقدت به كالمتوطن.

وأصحهما -وبه قال أبو إسحاق، وهو المذكور في الكتاب-: لا، واحتجوا له بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يجمع في حجَّة الوداع وقد وافق يوم عرفة يوم الجمعة (١)، وإنما لم يجمع؛ لأنه وَمَنْ معه لم يكونوا متوطنين، وإن عزموا على الإقامة أياماً، ولا يخفى مما ذكرنا أن قوله في الكتاب: "وإن عزموا على الإقامة مدة" المراد منه مدة ينقطع بعزم إقامتها حكم السفر لا كاليوم واليومين، وقوله: (لزمه الجمعة) قريب من التكرار؛ لأنه


(١) سيأتي في الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>