للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم تنعقد الجمعة، ولو نقصت الفرقة الثانية عن أربعين، فقد حكى ابن الصَّباَّغ عن الشيخ أبي حامد أنه لا تضر ذلك بعد انعقادها بالأولى، وعن غيره أنه على الخلاف في الانفضاض، ولو خطب الإمام بالناس وأراد أن يقيم الجمعة بهم على هيئة صلاة عَسَفَان فهي أولى، بالجواز إن جوزناها على هيئة صلاة ذات الرِّقَاع، ولا يجوز إقامتها على هيئة صلاة بطن النَّخْلِ، إذ لا تقام جمعة بعد جمعة.

قال الغزالي: ثمَّ يجب حَمْلُ السِّلاحَ في هذِهِ الصَّلاَةِ وَصَلاة عَسَفَانَ إنْ كَانَ فِي وَضْعِهَا خَطَرٌ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ السَّلاَمَةَ وَاحْتَمَلَ الخَطَرَ فَيُسْتَحَبُّ الأخْذُ وَفِي الوُجُوبِ قَوْلاَنِ.

قال الرافعي: قال الشافعي -رضي الله عنه- في "المختصر" وغيره: واجب للمصلي -أي في الخوف- أن يأخذ سلاحه، وقال في موضع: ولا أجيز وضعه، واختلف الأصحاب على طرق:

أظهرها -وبه قال أبو إسحاق-: إن في المسألة قولين:

أحدهما: أنه يجب؛ لظاهر قوله: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} (١) وقال تعالى جدُّه: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} (٢) أشعر ذلك بقيام الجناح، إذا وُضِعَ من غير عُذْر.

وأصحهما -وبه قال أبو حنيفة وأحمد-: أنه لا يجب، والآية محمولة على الاستحباب. واحتجوا لهذا القول بأنه لا خلاف، أن وضعه لا يفسد الصلاة، فوجب أن لا يجب حملهما كسائر ما لا يفسد تركه الصلاة ولا يجب فعله.

والطريق الثاني: القطع بالاستحباب.

والثالث: القطع بالإيجاب.

والرابع: ما يدفع به عن نفسه كالسَّيْفِ والسِّكين يجب حمله، وما يدفع به عن نفسه وغيره كالرمح والقوس لا يجب حمله؛ لأن الدفع عن النفس أولى بالوجوب، وهؤلاء حملوا النصين على هذين النوعين، والخلاف في المسألة مشروط بشروط:

أحدها: أن يكون طاهراً، فأما السّلاح النجس فلا يجوز حمله بحالٍ، ومنه السَّيْف الذي سقى السُّم النَّجِس، والنبل المريش بريش طائر لا يؤكل، أو طائر ميت؛ لأنه نجس على الصَّحِيح.


(١) سورة النساء، الآية ١٠٢.
(٢) سورة النساء، الآية ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>