للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعلام قوله: (فنزل وأتم الصلاة صح) بالواو؛ لأنه مطلق، وفي الصحة عند كثرة الفعل اختلاف، وذكر صاحب "الشامل" وغيره: أنه يشترط في بناء النازل أن لا يستدبر القبلة في نزوله، فإن استدبر بطلت صلاتُه -والله أعلم- (١).

قال الغزالي: وَبَجُوزُ لُبْسُ الحَرِيرِ وَجِلْدُ الكَلْبِ وَالْخَنْزِيرِ عِنْدَ مُفَاجَأَةِ القِتَالِ، وَلاَ يَجُوزُ فِي حَالَةِ الاخْتِيَارِ بِخِلاَفِ الثِّيَابِ النَّجِسَةِ، ويجُوزُ تَسْمِيدُ الأرْضِ بِالزِّبْلِ لِعُمُومِ الحَاجَةِ، وَفِي لُبْسِ جِلْدِ الشَّاةِ المَيِّتَةِ وَتَجْلِيلِ الخَيْلِ بِجِلِّ مِنْ جِلْدِ الكِلاَبِ وَجْهَانِ، وَفِي الاسْتِصْبَاحِ بِالزَّيْتِ النَّجْسِ قَوْلاَنِ.

قال الرافعي: ختم الشافعي -رضي الله عنه- صلاة الخوف بباب فيما له لبسه، وفيما ليس له، فاقتضى الأكثرون من الأصحاب به، وأوردوا أحكام الملابس في هذا الموضع، ومنهم من أوردها في صلاة العيد؛ لأنا نستحب التزين يوم العيد، فتكلموا في التزين الجائز والذي لا يجوز، وصاحب الكتاب أورد بعضها هاهنا وبعضها في صلاة العيد، والمذكور هَاهُنَا يشتمل على مسألتين:

إحداهما: سنذكر أن لبس الحرير حرام على الرجال، لكن يجوز لبسه في حالة مفاجأة القتال إذا لم يجد غيره، وذلك في حكم الضرورة، وكذلك يجوز أن يلبس منه ما هو جُنَّة القتال كالديباج الصّفيق الذي لا يقوم غيره مقامه، وجوز القاضي ابْنِ كَج اتخاذ القباء ونحوه، مما يصلح في الحرب من الحرير، ولبسه فيها على الإطلاق، لما فيه من حسن الهيئة وزينة الإسلام؛ لينكسر الكفار منه، كتحلية السيف ونحوه، والمشهور الأول.

وقوله: (ولا يجوز في حالة الاختيار) مطلق، لكن أحوالاً يجوز فيهما لبس الحرير في حال الاختيار مستثناة عنه على ما سيأتي في صلاة العيد.

الثانية: للشافعي -رضي الله عنه- نصوص مختلفة في جواز استعمال الأعيان النجسة، وحكى صاحب "التهذيب" وغيره فيها طريقتين، منهم من طرد قولين في وجوه الاستعمال كلها.

أحدها: المنع لقوله تعالى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (٢).


(١) قال النووي: صرح أيضاً القاضي أبو الطيب، وصاحب "المهذب"، وآخرون بأنه إذا استدبر القبلة في نزوله، بطلت صلاته، وهذا متفق عليه، واتفقوا على أنه إذا لم يستدبرها، بل انحرف يميناً وشمالاً، فهو مكروه ولا تبطل صلاته، وعلى أنه إذا أمن وجب النزول في الحال فإن أخر، بطلت صلاته. الروضة (١/ ٥٧٠).
(٢) سورة المدثر، الآية ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>