للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو غيره، وهو أوفق للمعنى، لأن التحريم إن كان لعين الذهب والفضة، فلا فرق، وإن كان لمعنى الخُيَلاَءِ فكذلك، وقد تكون الزينة في غير موضع الشرب أكثر، وليس لقائل أن يقول: إذا كان شارباً على فضة كان متناولاً بالنص،, لأن لفظ الخبر المنع من الشرب في آنية الفضة، لا على الفضة، والمضبب ليس بآنية الفضة. ثم من نصر الوجه الأول فمن شرطه أن يقول: لو كان الاستعمال في غير الشرب، وكانت الضَّبَّةُ على الموضع الذي يمسه المستعمل، ولا يلاقيه يحرم أيضاً، ولا ينساغ غير ذلك، وإن كانت الضَّبّة على غير موضع الشرب، نظر إن كانت صغيرة وكانت على قدر الحاجة فلا تحريم، ولا كراهة روي: "أَنَّ حَلْقَةَ قَصْعَةِ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- كَانَتْ مِنْ فِضَةٍ" (١). وكذلك قبيعة (٢) سيفه (٣) وإن كانت كبيرة وفوق الحاجة حرم الاستعمال لظهور الزينة، ووجود عين الذّهب والفضة وإن كانت صغيرة، لكنها فوق قدر الحاجة، أو كبيرة، لكنها بقدر الحاجة فوجهان:

أحدهما: التحريم لظهور معنى الخُيَلاءَ. أما في الصورة الأولى؛ فلأنه للزينة دون الحاجة. وأما في الثانية (فَلِكِبَرِ الضِّبَّةِ) (٤) وافتتان الناظرين بها، كأصل الإناء، وأصحهما: وهو الذي ذكره الشيخ أبو حامد، والعِرَاقِيُّونَ أنه يكره، ولا يحرم أما في الصورة الأولى، فَلِصْغرها وقدرة معظم الناس على مثلها. وأما في الثانية، فلظهور قصد الحاجة دون الزينة، وبنى بعضهم الوجهين على الأصل الذي سبق إن قلنا: التحريم لعين الذهب والفضة حرم، وإن قلنا: لمعنى الخُيَلاَء فلا. وفي أصل المسألة وجهان آخران:

أحدهما: أن المضبَّب يكره استعماله ولا يحرم بحال، وبه قال أبو حنيفة.

والثاني: أنه يحرم مطلقاً، حكاه الشيخ أبو بحمد (٥) تخريجاً على اعتبار العين،


(١) انظر التلخيص ١/ ٥٢.
(٢) القبيحة هي التي تكون على رأس قائم السيف، وطرف مقبضه من فضة أو حديد وقيل: ما تحث شاربي السيف مما يكون فوق الغمد، وقيل: هي التي فوق المقبض قاله الحافظ ابن حجر في التلخيص (١/ ٥٢).
(٣) انظر التلخيص ١/ ٥٢.
(٤) في ب: فكترة الصنعة.
(٥) عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيوية - بيائين مثناتين من تحت الأولى مضمومة مشددة، والثانية مفتوحة، الشيخ أبو محمد الجويني، وكان يلقب بركن الإسلام أصله من قبيلة من العرب. قرأ الأدب بناحية (جوين) على والده والفقه على أبي يعقوب الأبيوردي، ثم خرج إلى نيسابور فلازم أبا الطيب الصعلوكلي، ثم رحل إلى مرو لقصد القفال فلازمه حتى برع عليه مذهباً وخلافاً. وكان إماماً في التفسير والفقه والأدب مجتهداً في العبادة ورعاً مهيباً صاحب جد ووقار. قال شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني: لو كان الشيخ أبو محمد في بني =

<<  <  ج: ص:  >  >>