الثَّاني من الرّكعة الأولى قام عند سلام الإمام وقرأ وركع. واعتدل وجلس وتشهَّد وتحلّل ولا يسجد؛ لأن إدراك الركوع إذا أثر في إدراك القيام الذي قبله كان السّجود بعده محسوبًا لا محالة. واتفق الأصحاب على أن الصَّحيح هو الأول، ووجهوه بأنَّ الركوع الأول هو الأصل، والثَّاني في حكم التابع له ألا ترى أنه لا يصير بإدراكه مدركاً لجميع الركعة ولو صار مدركًا بإدراكه لصار مدركًا لجميع الركعة، كما لو أدرك جزءاً من الرّكوع في سائر الصَّلوات، وأيضاً فإن الأمر بقيام وركوع من غير سجود مخالف لنظم الصَّلوات كلها، وعلى القول الصحيح لو أدركه في عهد القيام الثاني لا يكون مدركًا لشيء من الرَّكعة أيضاً.
إذا عرفت ذلك فقوله في الكتاب:"لم يدرك الرَّكعة" إن أراد به أنه غير مدرك لشيء من الرَّكعة فينبغي أن يعلَّم بالواو، وإن أراد به أنه غير مدرك بجملتها فلا يجوز إعلامه؛ لأن القولين متفقان عليه.
قال الرافعي: الفرع الثاني: فيما يفوت به هذه الصّلاة. أَمَّا صلاة خسوف الشَّمس فتقوت بطريقين:
أحدهما: الانجلاء فإذا لم يصلّ حتى انجلت لم يصل.
واحتجّ له بما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:"فَإِذَا رَأيْتُمْ ذَلكَ فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِي"(١).
دل أنه لا يصلِّي بعده، ثم الاعتبار بانْجِلاَء الكُلِّ أَمَّا انجلاء البعض فلا أثر له، وله أن يشرع في الصَّلاة للباقي كما لو لم ينكسف إلاَّ ذلك القدر ولو حال سحاب، ولم يَدْرِ هل انجلت أم لا؟ فله أن يصلي؛ لأن الأَصل بقاء الكسوف وعلى عكسه لو كانت تحت الغمام فظنَّ الكسوف لم يصل حتى يستيقن.
والثَّاني: أن تغرب كاسفة فلا يصلِّي؛ لأن سلطان الشَّمس النَّهار، وقد ذهب وبطل الانتفاع بضوئها نيّرة كانت أو منكسفة. وأمَّا صلاة خسوف القمر فتفوت بطريقين أيضاً: