والثَّاني: طلوع الشمس فإذا طلعت والقَمر بعد خاسف لم يصل؛ لأنَّ سلطان القمر الليل وقد ذهب وبطلت منفعته بطلوع الشمس، ولو غاب القمر خاسفاً، لم يؤثر وجازت الصلاة؛ لأن سلطان القمر باقٍ وهو الليل فغروبه كغيبوبته تحت سحاب خاسفًا. ولو طلع الفجر وهو خاسف أو خسف بعد طلوع الفجر فقولان:
القديم: أنه ليس له أن يصلِّي لذهاب اللَّيل بطلوع الفجر.
والجديد: أن له ذلك لبقاء ظُلْمَةِ اللَّيل والانتفاع بضوء القمر في هذا الوقت، وعلى هذا لو شرع في الصَّلاة بعد طلوع الفجر، فطلعت الشَّمس في أثنائها لم تبطل صلاته كما لو شرع قبل طلوع الفجر، وكما لو اتَّفق الانجلاء في أثناء الصلاة، وذكر القاضي ابْن كج، أن هذا الانجلاء مخصوص بما إذا غَابَ القمر خاسفاً بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشَّمس، فأما إذا لم يَغِب وبقي خاسفاً، فلا خلاف في أن الشروع في الصَّلاة جائز (١).
قال الرافعي: الفرع الثالث فيما إذا اجتمعت صَلاَتان في وقت واحد، والأَصل فيه تقديم ما يخاف فواته، ويتعلّق أيضاً بالنظر إلى الأوكد، فالأوكد من الصلاة وفيه صور:
أحدها: إذا اجتمع عيد وكسوف نظر إن خيف فوات صلاة العيد لضيق وَقْتها قدمت صلاة العيد، وإن لم يخف فقولان:
أحدهما: وهو رواية البويطي: يبدأ صلاة العيد؛ لأنها أوكد لمشابهتها الفرائض بانضباط وقتها.
وأصحهما: أنه يبدأ بصلاة الكُسوف، لأنه يعرض الفوات بالانْجِلاَءِ.
الثَّانية: لو اجتمع كسوف وجمعة نظر إن خيف فوات الجمعة فهي مقدمة، وإن لم يخف فواتها فقولان:
(١) قال النووي: صرح الدارمي وغيره بجريان القولين في الحالين قال صاحب "البحر": ولو ابتدأ الخسوف بعد طلوع الشمس، لم يصل قطعاً -والله أعلم- روضة الطالبين (١/ ٥٩٦).