للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشهور: إنه لا يجري، لأن الغسل بجامع الكفر، بدليل مسألة الذمية، والوضوء بخلافة، ومنهم من أجرى الخلاف فيه أيضاً، والتوجيه ما ذكرنا في الوضوء.

وأما التيمم ففي بطلانه بعروض الردة وجهان أيضاً: لكن الأصح فيه البطلان؛ لأن التيمم لاستباحة الصلاة، وإذا ارتد خرج عن أهلية الاستباحة، فلا يفيد تيممه الإباحة بعد ذلك؛ كما إذا تيمم قبل الوقت، لا يستبيح به الصلاة بعد دخول الوقت ومنهم من يرتب فيقول: إن بطل الوضوء بالردة فالتيمم أولى، وإن لم يبطل، ففي التيمم وجهان، والفرق ضعف [التيمم] (١) وتقاعده عن إفادة الإباحة بعد تَعَذُّرِ الاسْتِبَاحة.

قال الغزالي: ثُمَّ وَقْتُ النِّيَّةِ حَالَةُ غَسْلِ الوَجهِ وَلاَ يَضُرُّ الغُرُوبُ بَعْدَهُ، وَلَو اقْتَرَنَتْ بِأوَّلِ سُنَنِ الوُضُوءِ وَعَزُبَتْ قَبْلِ غَسْلِ الوَجْهِ فَوَجْهَان.

قال الرافعي: لا يجوز أن تتأخر النية عن أول غسل الوجه؛ لأنها لو تأخرت لخلا أول الفرض عن النية، وصار كالصلاة، يشترط فيها المقارنة بأولها بخلاف الصوم، يحتمل فيه المتقدم تارة والتأخر أخرى، لعسر مراقبة طلوع الفجر وتطبيق النية عليه، ثم إذا لم تتأخر، فإما أن يحدث مقارنة لأول غسل الوجه أو يتقدم عليه، فإن حدثت مقارنة لأول غسل الوجه صح الوضوء ولا يجب الاستصحاب إلى آخر الوضوء، لما فيه من العسر، ولكن لا يحصل له ثواب ما قبله من السنن، إذ ليس للمؤمن من عمله إلا ما نوى (٢) وإن تقدمت عليه، نظر إن استصحبها إلى أن ابتدأ بغسل الوجه صح الوضوء. وحصل ثواب السنن المَنْوِيَّة قبله، وإن قارنت ما قبله من السنن، وعزبت قبل غسل الوجه، ففي الوضوء وجهان:

أحدهما: الصحة؛ لأن تلك السنن من جملة الوضوء فإذا اقترنت النية بها، فقد اقترنت بأول العبادة. وإن لم تكن فرضاً وأصحهما: المنع، لأن المقصود من العبادة واجباتها والمندوبات توابع وتزينات، فلا يكفي اقتران النية بها، ولأنها أمور سابقة على فرض الوضوء، فلا يكفي اقتران النية بها، كالاستنجاء ثم لا خلاف في أن المضمضة، والاستنشاق من سنن الوضوء، واختلفوا فيما قبل ذلك، كغسل اليدين، والسواك، والتَّسْمِيَّة، فلم يعدها كثيرون من سننه. وإن كانت مندوبة في ابتدائه، وعدها آخرون من سننه، وهو الوجه، ولهذا تقع معتداً بها مثاباً عليها إذا نوى مطلق الوضوء، ولو لم تكن معدودة من أفعاله لما اعتد بها بنية الوضوء. وفي لفظ الكتاب أشياء، ينبغي أن يتنبه لمثلها.


(١) سقط في ط.
(٢) قال النووي: وفي الحاوي وجه أنه يثاب عليها. والله أعلم. الروضة ١/ ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>