للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الموت، كالأب مع الابن والسيد مع العبد فعلى هذا لو لم يكن للزَّوج مال فحينئذ يجب في مالها. أما: إذا لم يترك الميت مالاً، ولا كان له من ينفق عليه فتكفينه ومؤنة دفنه من بيت المال كنفقته في الحياة. وهل يقتصر على ثوب واحد أم يكمل الثلاث؟ فيه وجهان:

أظهرهما: يقتصر عليه ليتأدّى الواجب به.

الثاني: يكمل الثلاث ولا يقتصر عليه كما لا يقتصر في كسوة الحي المحتاج على ساتر العورة فعلى الأول لو ترك ثوباً واحداً فلا شيء من بيت المال وعلى الثاني هل يكتفي بما خلفه أم يكمل الثلاث من بيت المال؟ ذكر الإمام أن صاحب "التقريب" حكى فيه وجهين:

أظهرهما: الثاني وإذا لم يكن في بيت المال مال فعلى عامة المسلمين الكفن ومؤنة الدفن (١).

قال الغزالي: وَالزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلاَثِ إلَى الخمْسِ مُسْتَحَبٌّ لِلنِّسَاءِ جَائِزٌ لِلرِّجَالِ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى الخَمْسِ سَرَفٌ عَلَى الإِطْلاَقِ، ثُمَّ إن كُفِّنَ فِي خَمْسٍ فَعَمَامَةٌ وَقَمِيصٌ وَثَلاَثُ لَفَائِفَ سوَابغ، وَإِنْ كُفِّنَ فِي ثَلاَثٍ فَثَلاَثُ لَفَائِفَ مِنْ غَيْرِ قَمِيصٍ وَلاَ عِمَامةٍ، وَإِنْ كُفِّنَتْ فِي خَمْسٍ فَإزَارٌ وَخِمَارٌ وَثَلاَثُ لَفَائِفَ سَوَابغَ، وَفِي قَوْلٍ: تُبَدَّلُ لِفَافَةٌ بِقَمِيصٍ، وَإِنْ كُفِّنَتْ فِي ثَلاَثٍ فَثَلاَثُ لَفَائِفَ.

قال الرافعي: قد ذكرنا أن العدد المستحب في كَفَنِ الرِّجال ثلاث أثواب، فلو زيد عليه إلى خَمْسَةِ أثواب فهو جائز، وإن لم يكن مَحْبُوباً،.

وأما المرأة فيستحب أن تكفَّن في خمسة أثواب رعاية لزيادة السّتر في حقها وحكم الخنثى في ذلك حكم المرأة والزيادة على الخمسة مكروهة على الإطلاق لما فيها من السَّرف، وقد روى أن النَّبي قال: "لاَ تُغَالُوا فِي الكَفَنِ، فَإنَّهُ يُسْلَبُ سَلْباً سَرِيعاً" (٢). فإذا كانت المُغَالاة مكروهة فزيادة العدد أَوْلَى أن تكون مكروهة ثم إن كفن الرَّجل أو المرأة في ثلاث فالمحبوب ثلاث لفائف من غير عمامة للرجل ولا قميص


(١) قال النووي: قال القاضي حسين: إذا مات وهو في نفقة غيره هل يلزمه تكفينه بثلاثة أثواب، أم بثوب؟ وجهان: -أصحهما! - ثوب. وقطع هو وصاحب "التهذيب" بأنه إذا لم يكن في بيت المال مال، ولزم المسلمين تكفينه، لا يجب أكثر من ثوب -والله أعلم- روضة الطالبين (١/ ٦٢٥).
(٢) أخرجه أبو داود من رواية علي (٣١٥٤) وفي إسناده مقال، وحسنه النووي والمنذري انظر خلاصة البدر (١/ ٢٥٧)، وانظر التلخيص (٢/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>