للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للجميع، ولا للتخيير وإنما الأمر فيه على الترتيب، وأن قوله: "فعبيدها" يجوز أن يعلم بالواو، وكذا قوله: فخصيان. وقوله: "فأرحام" أي: ذووا أرحام.

وقوله: "لأنهن يضعفن عن مباشرة هذا الأمر" تعليل لأول الكلام، وهو قوله: "ولا يضع الميت في قبره إلا الرجال"، ويجوز أن يعلم قوله: "فإن لم يكن فالأجانب" بالواو أيضاً، لما ذكرنا في "العدة".

الخامسة: إن استقل واحد بوضع الميت في القبر، فإن كان طفلاً فذاك، وإلا فالمستحبّ أن يكون عدد الدَّافنين وترًا ثلاثة أو خمسة على [قدر] (١) الحاجة وكذلك عدد الغاسلين، ويروى أن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- "دَفَنَهُ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وأُسَامَةُ -رَضِيَ الله عَنْهُمْ-" (٢)، ويستحبُّ أن يستر القبر عند الدَّفْنِ بِثَوْبٍ رجلاً كان أو امرأة، لكن ستر المرأة آكد، وعند أبي حنيفة -رحمه الله- يختص الاسْتِحْبَاب بالمرأة، وروي مثله عن أحمد واختاره أبو الفضل بن عبدان من أصحابنا.

لنا ما روي "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا دُفِنَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ -رضي الله عنه- سَتَرَ قَبْرَهُ بِثَوْبٍ" (٣). والمعنى فيه أنَّهُ ربَّما يَنْكَشِفُ عند الإضْجَاع، وحلّ الشّداد، ويستحب لمن يدخله القبر أن يقول: بسم الله، وعلى ملة رسول الله، وروي ذلك عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (٤) "ثُمَّ يَقُولَ اللَّهُمَّ أَسْلَمَهُ إِلَيْكَ الأَشْحَاء مِنْ وَلَدِهِ وَأَهْلِهِ، وَقَرَابَتِهِ وإِخْوَانِهِ وفَارَقَهُ مَنْ كَانَ يُحِبُّ قُرْبَهُ، وَخَرَجَ مِنْ سِعَةِ الدُّنْيَا وَالْحَيَاةِ، إِلَى ظُلْمَةِ القَبرِ وَضِيقِهِ، وَنَزَلَ بِكَ، وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بهِ، إِنْ عَقَابتَهُ فَبذَنْبهِ، وإن عَفَوْتَ فَأهْلُ العَفْوِ أَنْتَ، أَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابهِ، وَهُوَ فَقِيرٌ إِلَى رَحْمَتِكَ، اللَّهُمَّ اشْكُر حَسَنَتَهُ، وَاغْفِرْ سَيِّئَتَهُ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَاب الْقَبْرِ، وَاجْمَع لَهُ بِرَحْمَتِكَ الأَمْنَ مِنْ عَذَابِكَ، وَاكْفِهِ كُلَّ هَوْل دُونَ الجَنَّةِ، اللَّهُمَّ فَاخْلَفْهُ فِي تَرِكَتِهِ فِي الْغَابِرِين، وَارْفَعْهُ فِي عِلِّيِّينَ، وَعُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ رَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ".

وهذا الدعاء منقول عن لفظ الشَّافِعي -رضي الله عنه- في "المختصر" والله أعلم.

قال الغزالي: ثُمَّ يُضْجَعُ المَيِّتُ عَلَى جَنْبِهِ الأَيْمَنِ فِي اللَّحْدِ بِحَيْثُ لاَ يَنْكبُّ وَلاَ


(١) في أحسب.
(٢) أخرجه أبو داود (٣٢٠٩، ٣٢١٠).
(٣) أخرجه البيهقي (٤/ ٥٤)، وقال: لا أعرفه إلا من حديث يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، وهو ضعيف، وقال وقد رويت هذه السنة بإسناد صحيح عن أبي إسحاق السبيعي.
(٤) أخرجه أبو داود (٣٢١٣)، والترمذِي (١٠٤٦) وقال: حسن وابن ماجة (١٥٥٠) وابن حبان وذكره الهيثمي في الموارد (٧٧٢)، والحاكم (١/ ٣٦٦) وانظر التلخيص (٢/ ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>