للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدار. وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَيْسَ في الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ" (١).

والثاني: نعم، لحصول الرفق بالإِسَامة وزيادة فائدة الاستعمال، وفي لفظ "المختصر" ما يمكن الاحتجاج به لهذا الَوجه، وهو الذي ذكره الشيخ أبو محمد في "مختصر المختصر" وغيره.

قال الغزالي: وَلَوِ اعْتَلَفَتِ الدَّابةُ بِنَفْسِهَا أَوْ عَلَفَهَا المَالِكُ لامْتِنَاعِ السَّوْم بِالثَّلْجَ عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا إلى الإسَامَةِ أَوْ عَلَفَهَا الغَاصِبُ فَفِي سُقُوطِ الزَّكَاةِ وَجْهَانِ يُعَبرُ عَنْهُمَا بِأَنَّ القَصْدَ هَلْ يُعْتَبَر؟ وَكَذَا الخِلاَفُ فِي قَصْدِ السَّوْمِ فَإِنْ أَوْجَبَنَا الزَّكَاةَ فِي مَعْلُوفَةٍ أَسَامَهَا الغَاصِبُ فَفِي رُجُوعِهِ بِالزَّكاةِ عَلى الغَاصِبِ وَجْهَانِ:

قال الرافعي: الأَصْلُ في هذه المَسَائِلِ أنه اخْتَلَفَ الوجهِ في أَنَّ القَصْدَ في العَلَفِ والسّوم هل يعتبر؟ فمن الأَصحاب من قال: لا يعتبر، أمَّا في العَلَف فلأنه يفوت شرط السّوم سواء كان عن قَصْد، أو لم يكن. وأما في السوم؛ فلأنه يحصل به الرُفْق وتخفّ المؤنة، وإن لم يكن عن قصد. ومنهم من قال: يعتبر.

إمَّا في العلف، فلأنه إذا لم يقصده يُدَام حكم السّوم رعاية لجانب المُحْتَاجين.

وإمَّا في السّوم فلأنه إذا لم يتلزم وجوب الزكاة في هذا المال وجب أن لا يلزم، ويتفرع على هذا الأصل صور: منها لو اعتلفت سائمة بنفسها القدر المؤثر من العلف، هل ينقطع الحول؟ فيه وجهان والموافق لاختيار الأكثرين في نظائرها: أنه ينقطع لفوات شرط السَّوم فصار كفوات سائر شروط الزكاة، لا فرق فيه بين أن يكون عن قصد أو اتفاقاً، ولو رَتَعَت الماشية بنفسها ففي وجوب الزكاة وجهان أيضاً، وفي كلام أصحابنا العراقيين طريقة أخرى قاطعة بعدم الوجوب هاهنا.

ومنها: لو علف المالك ماشيته لامتناع السوم بالثلج وهو على عزم ردَّها إلى الإِسَامَةِ عند الإمكان، ففيه الوجهان:

أظهرهما: انقطاع الحول لفوات الشرط.

والثاني: لا، كما لو لبس ثوب تِجَارة لا بنية القنية لا تسقط الزَّكاة.

واعلم: أن العلف جرى في هذه الصّور بقصد المالك واختياره، لكن لما كانت الضرورة داعية إليه وكان ملجأ إليه ألحقت الصُّورة بما إذا جرى العلف من غير قصده،


(١) أخرجه الدارقطني (٢/ ١٠٣) من طرقه وأخرجه البيهقي (٤/ ١١٦)، وانظر التلخيص (١/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>