يمكن حمله على الاسْتِقْرَاض وعلى التَّسَلُّف للزكاة، ومراده الثَّاني على ما صرح به في "الوسيط". وقوله: لو تلف في يد المساكين مطلقاً سواء قبض الإمام بسؤال المالك أو بسؤال المساكين وسلّمه إليهم والتَّفصيل فيما إذا كان التَّلف في يد الإمام.
وقوله: فلا ضمان أي إذا اجتمع شرائط الوجوب، والاستقاق جميعاً أجزأ المعجّل عن الزكاة ولا ضمان على أحد، وقد نجد في بعض النسخ:"فلا بأس" بدل قوله: "فلا ضمان"، ولا بأس به معناه: لا يضر ذلك، وتقع الزَّكَاة موقعها، وأيهما كان فهو عند اجْتِمَاع الشَّرائط كما سبق.
وقوله: وحاجة أَطْفَال المَسَاكين كسؤالهم، أي: كسؤال البالغين لا كسؤال الأَطْفَال، إذ ليس من ضرورة أَطْفَال المساكين أن يكونوا مساكين فاللفظ النَّاصُّ على الفرض أَنْ يقال: وحاجة أطفال المَسَاكين، ولا يخفي أَنّ لفظ المساكين في هذه المَسَائِل كناية عن أهل السّهمان جميعاً، وأنه ليس المراد جميع آحاد الصنف، بل سؤال طائفة منهم وحاجتهم.
قال الرافعي: إذا دفع الزَّكاة المعجَّلة إلى الفقراء، وقال: إنها معجلة فإن عرض مانع استردت فله الاسْتِرْدَاد إن عرض مانع، وعن أبي حنيفة: أنه لا استرداد إلا إذا كان المال بعد في يد الإمام أو الساعي. لنا: إنه مال دفعه لما يستحقّه القابض في المستقبل، فإذا عرض ما يمنع الاسْتِحْقَاق استردُّه، كما إذا عَجَّل الأُجْرة ثم انْهَدَمت الدَّار قبل انْقِضَاء المدَّة، وإن اقتصر على قوله: هذه زكاة معجلة، وعلم القابض ذلك ولم يذكر الرّجوع، فهل له الاسترداد عند عروض مانع؟ فيه وجهان حكاها الشّيخ أبو محمد وغيره:
أحدهما: لا؛ لأن العادة جارية بأن المدفوع إلى الفقير لا يسترد، فكأنه ملكه بالجهة المعينة إن وجد شرطها وإلاَّ فهو صدقة، وصار كما لو صرح، وقال: هذه زكاتي المعجّلة فإن وقعت الموقع فذاك، وإلاّ فهي نافلة.
وأصحهما: ولم يذكر المعظم غيره أنه له الرجوع؛ لأنه عين الجهة فإن بطلت رجع كما قلنا في تعجيل الأجرة.