للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمكن حمله على الاسْتِقْرَاض وعلى التَّسَلُّف للزكاة، ومراده الثَّاني على ما صرح به في "الوسيط". وقوله: لو تلف في يد المساكين مطلقاً سواء قبض الإمام بسؤال المالك أو بسؤال المساكين وسلّمه إليهم والتَّفصيل فيما إذا كان التَّلف في يد الإمام.

وقوله: فلا ضمان أي إذا اجتمع شرائط الوجوب، والاستقاق جميعاً أجزأ المعجّل عن الزكاة ولا ضمان على أحد، وقد نجد في بعض النسخ: "فلا بأس" بدل قوله: "فلا ضمان"، ولا بأس به معناه: لا يضر ذلك، وتقع الزَّكَاة موقعها، وأيهما كان فهو عند اجْتِمَاع الشَّرائط كما سبق.

وقوله: وحاجة أَطْفَال المَسَاكين كسؤالهم، أي: كسؤال البالغين لا كسؤال الأَطْفَال، إذ ليس من ضرورة أَطْفَال المساكين أن يكونوا مساكين فاللفظ النَّاصُّ على الفرض أَنْ يقال: وحاجة أطفال المَسَاكين، ولا يخفي أَنّ لفظ المساكين في هذه المَسَائِل كناية عن أهل السّهمان جميعاً، وأنه ليس المراد جميع آحاد الصنف، بل سؤال طائفة منهم وحاجتهم.

قال الغزالي: الثَّالِثُ فِي الرُّجُوعِ عِنْدَ طَرَيَانِ هَذهِ الأَحْوَالِ، فَإِنْ قَالَ: هَذِهِ زَكَاتِي المعَجَّلَةُ فَلَهُ الرُّجُوعُ، وَقِيلَ: شَرْطُهُ أَنْ يُصَرِّحَ بِالرُّجُوعِ وَعَلَى هَذَا لَوْ نَازَعَهُ المَسَاكِينَ فِي الشَّرْطِ فَالمَالِكُ هُوَ المُصَدَّقُ فِي أَحَدِ الوَجْهَيْنِ لأنَّهُ المُؤَدِّي، أَمَّا إِذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْتَّعجِيلِ وَلاَ عَلِمَهُ المَسَاكِينُ فَفِي الرُّجُوعِ وَجْهَانِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَرْجِعُ فَيَصْدُقُ مَعَ يَمِينِهِ إِذَا قَالَ: قَصدَتُّ التَّعْجِيلَ.

قال الرافعي: إذا دفع الزَّكاة المعجَّلة إلى الفقراء، وقال: إنها معجلة فإن عرض مانع استردت فله الاسْتِرْدَاد إن عرض مانع، وعن أبي حنيفة: أنه لا استرداد إلا إذا كان المال بعد في يد الإمام أو الساعي. لنا: إنه مال دفعه لما يستحقّه القابض في المستقبل، فإذا عرض ما يمنع الاسْتِحْقَاق استردُّه، كما إذا عَجَّل الأُجْرة ثم انْهَدَمت الدَّار قبل انْقِضَاء المدَّة، وإن اقتصر على قوله: هذه زكاة معجلة، وعلم القابض ذلك ولم يذكر الرّجوع، فهل له الاسترداد عند عروض مانع؟ فيه وجهان حكاها الشّيخ أبو محمد وغيره:

أحدهما: لا؛ لأن العادة جارية بأن المدفوع إلى الفقير لا يسترد، فكأنه ملكه بالجهة المعينة إن وجد شرطها وإلاَّ فهو صدقة، وصار كما لو صرح، وقال: هذه زكاتي المعجّلة فإن وقعت الموقع فذاك، وإلاّ فهي نافلة.

وأصحهما: ولم يذكر المعظم غيره أنه له الرجوع؛ لأنه عين الجهة فإن بطلت رجع كما قلنا في تعجيل الأجرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>