الحرمين وهو قريب في موضع النقل والتخريج، ولم يحك الخلاف في الإمام والمالك جميعاً، فإن المسألة مَسُوقَة على ما سبق في أول الفصل، وهو كلام في المالك على ما بينته.
والأظهر: أنه لا يثبت الركوع سواء أثبتنا الخلاف أم لا، وهو فيما إذا دفع المالك بنفسه أولى وأظهر، في ظاهر النصين المنقولين عن "المختصر" وكشف المراد منهما كلام كثير لا يحتمله هذا الموضع.
فإن قلنا: يثبت الاسْتِرْدَاد وإن لم يتعرض للتّعجيل ولا علمه القابض، فمهما قال المالك: قصدت التعجيل ونازعه القابض فالقول قول المالك مع اليمين فإنه أعرف بنيته ولا سبيل إلى معرفتها إلا من جهته، ولو ادَّعى المالك علم القابض بأنها كانت معجلة فالقول قول القابض، لأن الأصل عدم العلم، والغالب هو الأداء في الوقت.
وإن قلنا: لا يثبت الاسترداد عند عدم التعرض للتعجيل وعلم القابض فلو تنازعا في أنه هل يُشترط التعجيل على الوجه الأصح أو في أنه هل يشرط مع ذلك الرجوع على الوجه الثاني فالقول قول من؟ فيه وجهان:
أحدهما: أن القول قول المالك مع يمينه؛ المؤدي وهو أعرف بقصده، ولهذا لو دفع ثوباً إلى غيره واختلفا، فقال الدافع هو عارية، وقال الآخر هبة، كان القول قول الدافع.
وأظهرهما: ولم يذكر في "العدّة" غيره أن القول قول المسكين مع يمينه؛ لأن الأصل عدم الاشتراط والغالب كون الأداء في الوقت؛ ولأنهما اتفقا على انْتِقَال اليد والملك والأصل استمرارها.
وقوله في الكتاب:"وعلى هذا لو نازعه المساكين في الشرط" قَدْ يوهم تخصيص المَسْأَلَة والوجهين فيها بالوجه المذكور قبله وهو قوله: "وقيل: شرطه أن يصرح بالرجوع" وليس كذلك بل سواء اكتفينا بشرط التعجيل أو شرطنا التَّصْريح بالرُّجُوع وفرض النزاع، جرى الوجهان ولو أنه أخَّر المسألة إلى أن يفرغ من السلام فيما إذَا لَمْ يتعرض للتَّعجيل ولا علمه المساكين لكان أولى؛ لأن هذا النزاع إنما يجري إذا قلنا: لا يثبت الاسْتِرْداد، ثم إذا أثبتناه فلا فائدة للنزاع في جريان الاشتراط فإن المالك وإن سلمه وادَّعى أنه قصد التعجيل والرجوع نصدقه كما سبق، والوجهان في تنازع المالك والقابض يجريان في تنازع إلإمام والقابض إذا قلنا: إنه يحتاج إلى الاشتراط، ولفظ "التهذيب" يشمل الصورتين جميعاً.
وقوله:"ففي الرجوع وجهان" يجوز أن يعلَّم بالواو لما قدمنا من الطريقة القاطعة