للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: حَبّ العُصْفُر وهو القُرْطُم (١)، فالجديد كما سبق، والقديم وجوب الزكاة فيه، لما روي أن أبا بكر -رضي الله عنه-: "كَانَ يَأْخُذُ مِنْهُ" (٢). فعلى هذا الظَّاهر اعتبار النِّصَاب فيه، كما في سائر الحُبُوب، والعُصْفُر نفسه هل يجري فيه الخلاف؟ قال أبو القاسم الكرخِيُّ: لا، والخلاف في الحَبِّ، وأجرى القاضي ابن كج الخلاف فيه، وفي الحب ويمكن تشبيهه بالوَرْسِ والزَّعْفَرَانِ. ومنها: التِّرْمس (٣) وهو فيما ذكره الصَّيْدَلاَني وصاحب "التهذيب" شبيه بِالبَاقِلاً، لكنه أصغر منه. وقيل: هو شبيه باللُّوبيَا ولا زكاة فيه على الجديد؛ لأنه لا يقتات إنما يؤكل تَداوياً يقال: إنه يهيج البَاءَة، وحكى العراقيون عن القديم: أنه يجب فيه الزكاة لشبهة بالبَاقِلاَّ واللُّوبِيَا. حب (٤) الفُول، حكى القاضي ابن كج وجوب الزكاة فيه على القديم، ولم أر هذا النقل لغيره وليس في الفرق بينه وبين حبوب سائر البقول معنى معقول.

المسألة الثانية: لا يكفي في وجوب الكاة كون الشيء مقتاتاً على الإطلاق، بل المعتبر أن يفتات في حالة الاختيار وقد يقتات الشيء للضرورة، فلا زكاة فيه، ومثله الشَّافعي -رضي الله عنه- بالغثِّ وحب الحَنْظَل وسائر البذور البريّة وشبهها بالظِّبَاء وبقر الوَحْش لا زكاة فيهما؛ لأن الآدميين لا يَسْتَبِيحُونَها ولا يتعهدونها، كذلك هذه الحبوب. واختلفوا في تفسير الغثّ (٥)، فعن المزنِيِّ وطائفة: أنه حب الغَاسُول وهو


(١) القرطم: بكسر القاف والطاء وضمهما، وحكى ابن القطاع في الأبنية كسر القاف وفتح الطاء.
(٢) قال الحافظ ابن حجر: لم أجد له أصلاً. انظر التلخيص (٢/ ١٧٣) الخلاصة (١/ ٣٠٤).
(٣) بضم أوله وثالثه وضبطه بعضهم بفتح التاء. قال بعض أهل اللغة: حب عريض أصغر من الباقلاء وهو في تقديره نواة التمر الهندي، وزاد في الحاوي أنه يصرف إلى الصفرة صدر من المراوزة يكسر بالملح يأكله أهل الشام تفكها وأهل العراق تداوياً، وكذلك قيل: إنه حب يدخل في العقاقير والأدوية.
(٤) الحب: زعم ابن حزم أنه لا يقع في كلام العرب إلاَّ على البر والشعير، وتمثل بقول أبي عبيد في الغريب: الحب الحنطة والشعير ونحوها. وقال في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر والحب صدقة" أنه المراد بالحب ذلك. قال ابن خروف: وهذا الذي يعلله ممنوع، بل الحب في اللغة يكون من البر والشعير، والبلد والقطينة. قال: واقتصاره على البر دون الشعير دليل على أنه لم يفسره بمقتضى اللغة بل توفيقاً، ولم يقل أحد: إنه يقع على البر دون الشعير فلا حاجة في تفسيره، وقال غيره: أي حب كل شيء، وكذلك فسره الفراء في معانيه.
(٥) الفث: بفاء وثاء مثلثة عصفر، وهو القرطم تصبغ به الثياب ويسمى بهرم وبهرمان. قاله ابن النفيس. قال المزني: هو حب الغاسول أي بزر الأشنان. [وقال الشيخ أبو حامد: حب أسود قدر الحرمل ثم يخرج ويطحن ويخبز. وقال القاضي أبو الطيب: سألت قوماً من أهل البادية عن الفث فقالوا: هو حب التمام، وهو أسود أثقل من بزر البقلة يملح ويؤكل. وقال الجوهري: هو حب يخبز حبه عند المجاعة خبزية غليظة شبيهة بخبزة الملة. وقيل: إنه نبت =

<<  <  ج: ص:  >  >>