للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنوى أنه للقِنْيَة يصير للقنية وينقطع حول التجارة.

لنا: أن ما لا يثبت له حُكْمُ الحول بدخوله في ملكه لا يثبت بمجرد النية، كما لو نوى بالمَعْلُوفة السَّوْمَ، ويخالف عَرَضَ التجارة تصير للقنية بمجرد النية من وجهين:

أحدهما: أنه ليس للاقتناء، معنى إلا الحبس والإمساك للانتفاع فإذا أمسك ونوى الاقتناء فقد قرن النية بصورة الاقتناء؛ لأنه جردها.

والثاني: أن الأصل في العروض الاقتناء، والتجارة عارضة، فبمجرد النية يعود حكم الأصل، وإذا ثبت حكم الأصل فبمجرد النية يزول، وهذا كما أن المسافر يصيرُ مُقيماً بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَالمُقِيمُ لاَ يَصِيرُ مُسَافِراً بِمُجَرَّدِ النية.

ومنها: لو اقترنت نية التجارة بالشِّراء كان الشراء مال تجارة، ودخل في الحَوْل لانضمام قَصْدِ التجارة إلى فعلها، كما لو نوى المشتري وَسَافر يصير مُسَافِراً، ولا فرق بين أن يكون الشراء بِعَرَضٍ أو نَقْدٍ، أو دَيْنٍ، ولا بين أن يكون حالاًّ، أو مُؤَجَلاًّ.

وإذا ثبت حكم التجارة لا يحتاج لكل معاملة إلى نية جديدة، وفي معنى الشراء ما لو صَالَح عن دَيْنٍ لَهُ في ذِمَّة إنسان على عرض بِنِيَّةِ التِّجَارة، فيصير لِلتِّجَارَةِ، سواء كان الدَّيْنُ قَرْضاً أو ثمن مبيع، أو ضمان مُتْلَفٍ، وكذلك الاتهاب بشرط الثَّوَاب إذا نوى به التِّجَارة، وأما الْهبة المُحْضَة والاحتشاش، والاحتطاب، والاصطياد والإرث فليست مَعْدُودَة من أسباب التجارة، فلا أثر لاقتران النِّيَّةِ بها، وكذا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ والاسترداد، حتى لو باع عَرَضاً لِلْقِنْيَة بعرض للقنية، ثُمَّ وجد بما أخذه عيباً، فرده واسترد الأول على قصد التِّجَارة، أو وجد صاحبه بما أخذ عيباً فَرَدَّه وقصد المردود عليه بأخذه التجارة لم يَصِرْ مَالَ تِجَارَةِ. ولو كان عنده ثوب للقنية فاشترى به عبداً للتجارة، ثم رد عليه الثَّوب بعيْبٍ انقطع حولُ التِّجَارَةِ، ولم يكن الثَّوْبُ المردود مَالَ تِجَارة؛ لأن الثوب لم يكن عنده على حكم التجارة، حتى يقال: ينقطع البيع، ويعود إلى ما كان قبله، بخلاف ما لو كان الثَّوْبُ للتجارة، أيضاً، فإنه يبقى حكم التجارة فيه بعد حول البيع، وكذا لو تبايع التَّاجِرَان ثم تقابلا يستمر حكم التجارة في المالين، ولو كان عنده ثوب تجارة فباعه بعبدٍ للقنية، فرد عليه الثَّوب بالعيب، لم يعد على حكم التجارة؛ لأن قصد القنية قطع حول التجارة، والرد والاسترداد بعد ذلك ليسا من التِّجارة في شيء، فصار كما لو قَصَد القنية؟ بمال التِّجَارة الذي عنده ثم نوى جعله للتِّجَارة ثَانِياً لا يؤثر حتى يقرن النية بتجارة جديدة. ولو خالع الرجل امرأته وقصد التجارة في عِوَض الخُلْعِ، أو زوج السيد أمته، أو نكحت الحرة أو نويا التجارة في الصَّدَاق، ففيه وجهان:

أحدهما: أنه لا يكون مَالَ تِجَارة؛ لأن الخلع والنكاح ليسا من عقود التجارات والمعاوضات المحضة؛ ولأنه ليس المملوك بهما مملوكاً بعين مال.

<<  <  ج: ص:  >  >>