ثم إذا احتملنا نُقْصَان النِّصَاب في غير الآخر فذلك في حق من تَرَبَّصَ لِسلْعَته حتى تم الحول، وهي نصاب بالقيمة، فأما لو باعها بسلعة أخرى في أَثْنَاء الحَوْل فقّد حكى الإمام وجهين فيه:
أحدهما: أن الحول ينقطع، ويبتدئ حَوْلَ السّلعة الأُخْرَى مِنْ يَوْمِ مَلَكَها.
وأصحهما: أن الحكم كما لو تَرَبَّصَ بِسِلْعَته، ولا أثر للمبادلة في أحوال التّجارة.
ولو باعها في أثناء الحول بالنقد، وهو ناقص عن النصاب، ثم أشترى به سلعة، فتم الحول وهي تبلغ نصاباً بالقيمة، ففيه وجهان لتحقق النقصان حِسًّا.
قال الإمام -رحمه الله-: والخلاف في هذه الصُّورة أَمْثَلُ منه في الأَّول، ورأيت المتأخرين يَمِيلون إلى انقطاع الْحَوْل -والله أعلم-.
وهذه الصورة الأخيرة هي المذكورة في الكتاب. واعرف من اللفظ شيئين:
أحدهما: أن قوله: (فلو صار النقصان محسوساً بالتنضيض) ليس المراد منه مُطْلَق التنضيض؛ فإنه لو باع بالدَّراهم والحال تقتضي التَّقْوِيم بالدَّنانير على ما سيأتي فهو كبيع السِّلْعة بالسِّلْعَة.
والثاني: أن قوله: (على هذا القول) يوهم تخصيص الوجهين بالقول الثالث، وهما جاريان على القول الأَوَّلِ أيضاً ولا فرق.
فرع: لو تم الحول وقيمة سلعته دون النِّصَاب، فهل يبتدئ حول ثان؟ فيه وجهان: قال أبو إسحاق: نعم، ويسقط حكم الحَوْل الأول.
وقال ابن أبي هريرة: لا، بل متى بلغت القيمة نصاباً تجب الزَّكَاة، ثم يبدأ حولٌ ثَانٍ (١)، والأول أصَحَّ عند صاحب "التهذيب" وغيره.
قال الغزالي: وَابْتِدَاءُ حَوْلِ التِّجَارَةِ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ بنِيَّةِ التِّجَارَةِ إنْ كَانَ المُشْتَرَي بِهِ عَرَضًا مَاشِيَة كَانَتْ أَوْ لَمْ تَكُنْ، وإِنْ كَانَ المُشْتَرَى بِهِ نَقْداً فَمِنْ وَقْتِ النَّقْدِ نِصَابًا كَانَ أَوْ لَمْ يكُنْ إنْ قُلْنَا: إِنَّ النِّصَابَ لاَ يُعْتَبَرُ فِي ابْتِدَاء الحَوْلِ، وَبِالجُمْلَةِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَالنَّقْدَينِ يُبْتَنَي حَوْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حَوْلِ صَاحِبِهِ لاتِّحَادِ المُتَعَلَّقِ وَمِقْدَارِ الوَاجِبِ.
(١) محل الخلاف ما إذا لم يكن له من جنس ما يقوم به ما يكتمل به النصاب، أما لو كان مثل أن يملك بمائة درهم، واشترى بخمسين درهماً منها عرضاً للتجارة، وبقيت الخمسون عنده وبلغت قيمة العرض آخر الحول مائة وخمسون فإن ذلك يضم إلى ما عنده ويلزمه زكاة الكل بلا خلاف (قاله في الخادم) ينظر (٢/ ١٢٩).