رحمه الله-: أن التمر خير منه، وله في الزبيب والشَّعير، وفي التمر، والزَّبيب تردد.
قال الإمام والأشبه تقديم التَّمْرِ على الزبيب.
الثاني: إذا قلنا إن المعتبر قوت كل شخص بنفسه وكان يليق بحاله البر وهو يقتات الشِّعِير بُخْلاً لَزِمَهُ البُرُّ.
ولو كان يليق بحاله الشعير لكنه كان يتنعم باقتيات البُر، فهل يجزئه الشَّعِير؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ نظراً إلى عادته.
وأصحهما: نعم؛ نظراً إلى اللائق بأمثاله، ويشبه أن يرجع هذا الخلاف إلى اختلاف عبارتين للأصحاب في حكاية وجه ابن حَرْبَوَيهِ، فحكي بعضهم أن المعتبر قوت الشخص في نفسه. وحكى آخرون أن المعتبر القوت اللائق بأمثاله، فعلى الثانية يجزئ الشعير، وعلى الأولى لا يجزئ. والثانية: هي التي أوردها الصيدلاني وجمع صاحب "التهذيب" بينهما ورجح الثانية. الثالث: قد يخرج الواحد الفطرة عن شخصين من جنسين فيجزئه كما إذا أخرج عن أحد عبدَيْه أو قريبية من غلب قوت البلد، إن اعتبرناه أو من غالب قوته إن اعتبرناه، وعن الآخر من جنس أعلى منه، وكذا لو ملك نِصْفَيْنِ مِنْ عَبْدَيْنِ فأخرج نصف صَاعٍ عن أحد النِّصْفَين من الواجب، ونصفاً عن الثَّاني من جنس أعلى منه، وإذا خَبَّرنا بين الأجناس فله إخراجهما من جنسين بِكُلِّ حَالٍ.
ولا يجوز أن يخرج الواحد عن الواحد الفِطْرَة مِنْ جِنْسَيْنِ وإن كان أحدهما أعلى من الواجب كما إذا وَجب الشَّعير فأخرج نِصْفَ صَاعٍ منه ونصفاً من الحنطة، ورأيت لبعض المتأخرين تجويزه، وبه قال أبو حنيفة وأحمد.
لنا: ظاهر الحديث: "فَرَضَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ"(١) وإذا بعض لم يخرج صاعاً من تمر، ولا صاعاً من شعير، وأيضاً فإنها واجب واحد فلا يجوز تَبْعيضه، كما لا يجوز في كَفَّارة اليمين أن يُطْعِمَ خَمْسَةَ، ويكسو خَمْسة.
ولو ملك رجلانِ عَبْدًا فإن خيرنا بين الأجناس أخرجَا ما شاء بشرط اتحاد الجنس، وإن أوجبنا غالب قوت البلد وكانا في بلد واحدٍ أخرجا من ذلك بحسب الملك صاعاً منه، هكذا أطلقوه، وهو محمول على ما إذا كان العَبْدُ عندهما أيضاً؛ لأنه إذا كان غائباً وجب النظر في أن الفطرة تجب على السَّيد ابتداء أم هو متحمل لما سنرويه عن الشَّيْخِ أَبِي عَلِيّ، ولأن صاحب "المهذب" حكى أنه لو كان له عبد غائب، وقوت