فكذلك ما قبل الوقت يجوز أن يجعل وقتاً للعذر، كما في الجمع بين الصلاتين وعن أبي إسحاق طريقة أخرى قاطعة بوجوب القضاء وإن تبين بعد مُضِيِّ بَعْضُ رمضان، فقد حكى في "النهاية" طريقين:
أحدهما: طرد القولين في إجزاء ما مضى.
والثاني: القطع بوجوب الاستدراك إذا أدرك شيئاً من الشَّهر والأول أظهر والطريقان للقائلين بالقولين في الصورة الأولى، فأما أبو إسحاق فَلاَ يفرق بينهما.
إذا عرفت ما ذكرناه فارجع إلى لفظ الكِتَاب.
وأعْلَمْ أَنَّ قوله: والمعنى بالجازمة ... الخ) أراد به أنه المقصد من التقييد بهذا القيد، تَفْسِير اللفظ، وأن قوله:(لم يجز) معلم بالحاء والزاي.
وأن قوله:(نعم لا يضر التردد بعد حُصولِ الظَّن)، إشارة إلى أن القادح هو التردد الذي لا يستند احتمال الرمضانية فيه إلى دليل، ولا يترجح في ظَنِّه فأما التَّجْويز الذي يجامع الظَّن بكونه من رمضان فلا عبرة به.
وقوله:(كان الشهر بدلاً في حقه) أراد به المنقول عن القَفَّال معناه أن الشهر المأتى بصومه على هذا القول، إذا أقيم مقام رَمضَان وليس المراد منه أنه قضاء يصير بدلاً عن الفائت؛ لأنا إذا فرعنا عليه، لا نقول بأنه يكفيه شَهْرَه النَّاقص إذَا كَمُلَ رمضان. ومن المَسَائِلِ المُتَعَلِّقَة بِقَيْد الجزم ما إِذَا نوت الحائض صَوْمَ الغد قبل أن ينقطع دَمُهَا، ثم انقطع بالليل هل يَصِح صومُها؟ إن كانت مبتدأة يتم لها بالليل أكثر الحيض أو معتادة عادتها أكثر الحيض، وهو يتم بالليل صح إذا كانت معتادة عادة دون أكثر، وكانت تُتِم يالليل فوجهان:
أظهرهما: أنه يَصِحّ؛ لأن الظَّاهِرَ استمرار عَادتها.
والثاني: لا؛ لأنها قد تَخْتَلِف.
وإن لم يكن لها عادة وكان لا يتم أكثر الحَيْضِ بالليل، أو كان لها عادات مختلفة، لم يصح الصَّوم. وأعلم أن ركن النّية، وإن كان لا يختص بصوم الفرض، إلا أن المذكور من مسائلة في الكتاب مخصوص به، لأنه قال:(أما النية فعليه أن ينوي لكل يوم ...) إلى آخره ومعلوم أن النية بالقيود المذكورة مخصوصة بالفرض.