للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّوْمِ والصَّلاَةِ، في "كِتَاب الصَّلاَةِ" مَعَ طرف من فِقْهِ الْمَسْألَةِ وهذا الخِلاَفُ مُفَّرعٌ عَلَى ظَاهِرِ المَذْهَبِ في أنه إذا بَلَغ صَائِماً فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ فأما من يُوجِب القَضَاء ثُمَّ فهاهنا أوْلَى بِأَنْ يُوجِب. وأما إذا أفاق المَجْنُون أو أَسْلَم الكَافِرُ فَفِيهمَا طَرِيقَانِ.

أحدُهما: طَرْدُ الخِلاَفِ، وهذا أَظْهَرُ عِنْدَ الأكْثَرِينَ، والأَظْهَرُ مِنَ الخِلاَفِ أنه لاَ قضاء ويحكى ذَلِكَ فِي الكَافِرِ عَنْ نَصِّه في القَدِيم، "والأم"، والبويطي.

والثاني: القطع بالمنع في حق المَجْنُونِ، لأنه لم يكن مأموراً بالصَّوْمِ في أول النَّهَار، وبالإيجَابِ في حق الْكَافِرِ، لأنه مُتَعَدّ بِتَرْكِ الصَّوْمِ، وَهَذَا أَصَحُّ عَنْدَ صَاحِبِ "التهذيب". ويجوز أن يُعَلَّم قوله فيما سبق، (ولو أفاق في أثناء النهار، ففي وجوب قضَاء هذا اليوم وجهان) بالواو إشارة إلى الطَّرِيقة القَاطِعةِ بالمَنْعِ، وكذلك قوله هاهنا (تردد) لهذه الطريقة، والطَّريقة الجازمة بالإيجَاب في الكَافِرِ، فإنه أَجَابَ عَنْ طَرِيقَة طَرْدِ الخِلاَفِ في الصُّوَرِ إلا أن يفسر التردد الذي أَبْهَمَهُ بتردد الطَّريق في بَعْضِ الصّور، والقول أو الوجه في بَعْضِهَا، وهل لِلْخِلاَف في القضَاءِ تَعَلُّق بالْخِلاَف فهي الإمْسَاك تَشَبُّهاً؟ نقل الإمام عن الصَّيْدَلاَنِيّ أن من يوجب التَّشَبه يعتكف به، ولا يُوجِب القَضَاء، ومن يُوجِب القَضَاء لاَ يُوجِبُ التَّشَبّه.

وعن غيره من الاصحاب أن الأمر بالقَضَاء فرع الأمر بالإِمْسَاك، فمن التزم الإِمْسَاك التزم القَضَاء، ومن لاَ فلاَ، وبنى صاحب "التهذيب"، وغيره الخلاف في وجوب الإمساك على الخِلاَفِ في وجوب القضاء إن أوجبنا القَضَاءَ أَوْجَبْنَاهُ، وإلاَّ فَلاَ، فهذه ثَلاثةُ طُرُقٍ، وهي على اختلافها متفقة على تعلق أحد الخِلاَفين بالآخر، والطَّريق الثَّانِي والثَّالِث يشكلان بالحَائِض والنّفَسَاء إذا طُهَرنَا في خِلاَل النَّهَار، فَإِنَّ القضاء واجبٌ عَلَيْهِمَا لاَ مَحَالَةَ؛ لأن مستغرق الحيض لا يسقط القضاء فمتقطعه أولىَ، والإمساك غَيْرُ وَاجب عَلَيْهِمَا إما بلا خلاف على ما رواه الإمام. وإما على الأظهر، لأن صاحب "المعتمد" حكى طرد الخِلاَف فيهما، وإذا كان كذلك لم يستمر قولنا بأن القَضَاء فرع الإمْسَاك، ولا بأن الأمْسَاك فرع القَضَاء، والطَّريق الأول يشكل بصورة يوم الشَّكِّ، والمتعدي الإِفْطَار فَإِنَّ القَضَاء لاَزِمٌ مع التَّشَبه والله أَعْلَم.

قال الغزالي: وَمَنْ نَوىَ التَّطَوُّعَ فِي رَمَضَانَ لَمْ يَنْعَقِدْ وَإِنْ كَانَ مُسَافِرِ لِتَعَيُّنِ الوَقْتِ.

قال الرافعي: أيام رَمَضَانَ مُتَعينة لَصَومَ رَمَضَانَ، فإن كان الشَّخْصُ معذوراً بسفر أو مرض، فإما أن يَتَرَخَّص بالفطر، أو يصوم عن رَمَضَانَ، وليس له أن يصوم عَنْ فَرْضٍ آخر، أو تطوع. وبه قال مَالِكٌ وأحمد.

وقال أَبُو حَنِيفَة: للمسافر أن يَصُوم عن القَضَاء، والكَفَّارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>