للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: كون اليَوْمِ مِنْ رَمَضَانَ فلا كفارة بإفساد التَّطَوّع، والنَّذْرِ، والقَضَاءِ، والكَفَّارَةِ؛ لأن النَّصَّ ورد في رمَضَانَ، وهو مَخْصُوصٌ بِفَضَائِلَ لا يشركه غيره فيها.

قال الغزالي: وَلاَ علَى المَرْأَةِ لأنَّهَا أَفْطَرَتْ بِوُصُولِ أَوّلِ جُزْءٍ مِنَ الحَشَفَةِ إلَى بَاطِنِهَا، وَفيهِ قَوْلٌ قَدِيمٌ، ثُمَّ الصَّحِيحُ أَنَّ الوُجُوبَ لاَ يُلاَقِيهَا، وَقِيلَ: يُلاَقِيهَا، وَالزَّوْجُ يَتَحَمَّلُ، وَلاَ يتَحَمَّلُ الزَّانِي، ولاَ الزَّوْجُ المَجْنُونُ وَلاَ المُسَافِرُ إذْ لاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا وَلاَ عَنِ المُعْسِرَة فإنَّ وَاجِبَهَا الصَّوْمُ فَلاَ يُقْبِلُ التَّحَمُّلُ، وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ (ح م) بِغَيْرِ جِمَاعٍ مِنَ الأكْلِ وَمُقَدِّمَاتِ الجِمَاعِ، وَيجِبُ بِالزِّنَا وَجِمَاعِ الأَمَةِ وَوَطْءِ البَهِيمَةِ (ح م) وَالإِتْيَانِ فِي غَيْرِ المَأْتَى (و).

قال الرافعي: نُوَضِّحُ فِقْهُ الفَصْلِ ثم نبين أنَّ مَسَائله بأيّ قيد تتعلّق.

المسألة الأولى: المرأة المَوْطُوءة إِن كانت مُفْطِرَةَ بِحَيضِ، وغيره، أو كانت صَائِمَة، ولم يبطل صومها لِكَوَنهَا نَائِمَةً مثلاً، فلاَ كَفَّارة عَلَيْهَا، وإن مكنت طَائِعة حَتَّى وطئها الزَّوْجُ، فقولان:

أحدهما: أنه يَلْزَمُهَا الكَفَّارة، كما يلزم الرّجل؛ لأن الكَفَّارة عَقُوبَة تَتَعَلَّق بِالْوَطْءِ، فيستويان في لُزُومِهَا كَحَدِّ الزِّنَا، وهذا أَصَحُّ الرْوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وبه قَالَ أَبُو حَنِيفة، ويروى مِثلُه عَنْ مَالِكٍ، وَابنِ المُنْذِرِ، وهو اختيار القاضي أَبِي الطَّيِّب.

وَأَصَحُّهُمَا: أنه يختص الزَوْج بِلُزُومِ الكَفَّارَة.

واحتجوا له بأُمُورٍ: أحدهما: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر الأَعرَابِيَّ الَّذِي وَاقَعَ إِلاَّ بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ مع مِسَاسِ الَحَاجَةِ إِلَى البَيَانِ.

والثَّاني: حكى الكرَابِيسي أنه قال: صَوْم المرأة نَاقِص؛ لأنه يعرض أن يبطل بعروض الحَيْضِ، وإذا كَانَ كَذَلِكَ، لم يكن كَامِلَ الحُرْمَةِ، فَلَمْ تتعَلَّق بِهِ الكَفَّارَةُ.

والثالث: ما ذكره في الكتاب، وسنتكلم فيه.

التفريع: إن قلنا بالأول: فلو لَمْ تَجِبْ الكَفَّارَةُ عَلَى الزَّوْجِ لِكَوْنِهِ مُفْطِراً، وَجَبَتْ الكَفَّارَةَ عَلَيْهَا، وكذا لو لم يبطل صَوْمُه، بأن كَانَ نَائِماً، فَاسْتَدخَلت ذَكَره، أو كَانَ نَاسِياً، وَهِيَ ذاكرة. ويعتبر في حق كل واحد منهما حاله في اليَسَارِ والإعْسَارِ، وإن قلنا بالقول الأصَحِّ، فالكفارة التي يخرجها الزَّوج تختص به، ولا يلاقيها، أم تقع عنهما جميعاً، وهو يتحمل عنها؟ فيه قولان مُسْتَخْرِجَانِ من كَلاَمِ الشَّافِعِيّ -رضي الله عنه- وقد يعبر عَنْهُمَا بِوَجْهَيْنِ:

أحدهما: أنها تختص به، ولا يلاقيها؛ لأنه لَو تَعَلَّق الوَاجِبُ بِهَا لَأُمِرَتْ بِإخْرَاجِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>