يجوز له الخروج ليتوضأ في أظهَر الوجهين إذا أمكن الوضوء في المَسْجدُ.
وإذا وقفت على ما ذكرنا أعلمت قوله (من غير تَعْرِيج) بالواو والتعريج هو الوقوف، وكذا قوله:(ولا بأس بصلاة الجنازة) وقوله: (وكذا كل وقفة) وقوله: في مسألة الجماع: (انقطع التتابع).
قال الرافعي: إذا حاضت المعتكفة لَزِمَهَا الخُروجُ، وهل ينقطع تَتَابع اعتكافها؟ من كانت المُدَّة المنذورة طويلة لا تخلو عن الحَيْضِ غَالِباً، فلا ينقطع، بل تبنى إِذَا طهرت كما لو حاضت في صَوْمِ الشَّهْرَينِ عن الكفارة، وإن كانت بحيث تخلو عن الحَيْضِ فقد قال الإمام وصاحب الكتاب: فيه وجهان، وقال آخرون قولان: أحدهما: أنه لا ينقطع به التَّتابع، لأن جنس الحَيْضِ متكرر بالجبلة، فلا يؤثر في التَّتابع كقضاء الحاجة.
وأظهرهما: ينقطع، لأنها بسبيل من أن تشرع كما طهرت، وتودع الاعتكاف زمان الظهر، واستبعد بعض الشارحين عبارة الوجهين من صاحب الكتاب، لأنه ذكر في صورة الرتبة الثالثة قولين مرتبين على الحَيْضِ، ولا ينتظم ترتيب القولين على الوجهين، ولا شك أنه لو أطلق عبارة القولين لكان أحسن، لكن ينبغي أن يعلم أن الأمر فيه هَيِّنٌ من جهة المعنى من وجهين:
أحدهما: أن الذي يستحق الاستبعاد ترتيب القولين المَنْصُوصَيْنِ على وَجْهَي الأَصْحَابِ، والقولان في تلك الصورة ليسا منصوصين، بل هما حَاصِلان من تَصَرُّف الأَصْحَاب كما سَتَعْرِفه، والوجهان في الحَيْضِ ليسا على معنى افتراق الأَصْحَابِ واختلافهم، وإنما هما مأخوذان من القولين في أَنه هل يبطل التّتابع بالحَيْضِ في صَوْمِ كَفَّارَةِ اليَمِينِ إذا شرطنا فيه التتابع؟ ومثل هذا الخلاف قد يسمى قولاً، ويسمى وَجْهاً، فالحاصل ترتيب قولين من تصرف الأصحاب على قولين مثلهما.
والثاني: أن الذي يُسْتَبْعَدُ هو بناء القولين على الوجهين، فإن المبنى عليه ينبغي أن يكون أَقْدَمَ من المبنى، أما الترتيب فلا يعني به إلا أن أحد طَرَفِي الخِلاَفِ في صورةٍ أولى منه في صُورَةٍ أخرى، ولا بعد في أن يكون قول الانقطاع في تلك الصورة أولى من وجه الانقطاع في سورة الحَيْضِ، والمذكور في الكتاب هو الترتيب دُونَ البِنَاء.