والطريق الثاني: القطع بالقول، وحمل الأول على التزيي بِزِيّ المحرمين من غير إحْرَام على ما يعتاده الشِّيعة.
ويخرج من فحوى كلام الأئمة طريقة ثالثة، وهي حمل الأوَّل على إذا لم يَأْمن على نَفْسِهِ من ارتكاب مَحْظُوراتِ الإِحْرَام، وتنزيل الثاني على ما إذا أمن عليها.
وقوله في الكتاب:(ولو أحرم قبل الميقات كان أحب) يجوز أن يكون جواباً على أظهر القولين، على الطريقة الأولى، ويجوز أن يكون ذهاباً إلى الثانية، وهو الذي قصده المصنف على ما أورده في "الوسيط" فإنه نسب استحباب التقديم إلى القديم، وكراهيته إلى الجديد، وذكر أن الجديد مؤول، وكيفما كان فليكن قوله:(أحب) معلماً بالواو مع الميم والألف.
واعلم أن تسمية أحد القولين قديماً والآخر جديداً لم أره إلا له، والكتب التي عزى النصان إليها بأسرها معدودة من الجديد.
قال الرافعي: لما فرغ من الكلام في الميقات المكاني في الحجّ اشتغل بالكلام فيه في العمرة.
والمعتمر إما أن يكون خارج الحرم أو فيه، فإن كان خَارِجَ الحَرَمِ فموضع إحْرَامِهِ بالعمرة هُوَ موضع إحرامه بالحَجّ بلا فرق.
وإن كان في الحرم سواء كان مكياً أو مقيماً بمكة فالكلام في ميقاته الواجب، ثم في الأَفْضَل.
أما الواجب: فهو أن يخرج إلى أدنى الحِلّ ولو بخطوة من أي جانب شاء: "لَأَنَّ عَائِشَةَ -رَضِيَ الله عَنْهَا- لَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَعْتَمِرَ بَعْدَ التَحَلُّلِ، أَمَرَهَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بِأَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْحَلِّ فَتُحْرِمَ"(١).
فإن خالف وأحرم بها في الحَرَم، انعقد إحرامه، ثم له حالتان:
إحداهما: أن لا يخرج إلى الحِلِّ، بل يطوف وَيَسْعَى وَيَحْلِق، فهل يجزئه ذلك