والسعي، وإذا أعادهما صح حجه وعمرته؛ لأنه إن كان حدثُه في طواف العُمْرَةِ، فقد صار قارناً بإحرام الحَجِّ، فيجزئه طوافه وسعيه المعادان عن النسكين جميعاً، وإن كان في طَوَافِ الحَجِّ فعمرته صَحِيحة، وكذا أعْمَالُ الحَجِّ سوى الطَّوافِ وَالسَّعْي، وقد أعادهما، وعليه دم؛ لأنه إما قارنٌ أو متمتع، وينوي بإراقته الواجب عليه، ولا يعين الجِهَة، وكذا لو لم يجد الدَّم فصام، والاحتياط أن يريق دماً آخر؛ لاحتمال أنه حالق قبل الوقت. نعم، لو لم يحلق في العُمْرةَ على قولنا إن الحلق استباحةُ مَحْظُورٍ فَلاَ حاجة إليه، وكذا لا يلزمه عند تبين الحَدَثِ في طواف العمرة إلا دمٌ واحد.
والثاني: لو كانت المسألة بحالها إلا أنه جامع بعد أعمال العمرة ثم أحْرَم بالحج، وهذا الفرع ينظر إلى الأصلين:
أحدهما: أن جماع النَّاسِ هل يُفْسِد النُّسُك فيوجب البَدَنة كجماع العَامِدِ أم لا؟ وفيه قولان سيأتي ذكرهما.
والثاني: أنه إذا فسد العمرة بالجماع ثم أدخل عليها، هل يدخل ويصير محرماً بالحج؟ فيه وجهان:
أظهرهما: عند الشيخ أبي محمد -رحمه الله- وبه أجاب ابْنُ الحَدَّادِ: لا؛ لأن الإحرام بالفَسَادِ في حكم المَنْحَل، وإذا انْحَلَّ إحرام العمرة لم يدخل الحَجَّ عليها، كما لو أدخل الحَجَّ عليها بعد الطواف.
والثاني: نعم، وإليه ميل الأكثرين، وبه قال الشَّيْخُ أَبُو زيْدٍ، وحكاه عن ابْنِ سُرَيْجٍ؛ لأنه محرم بالعمرة، ولم يأت بشيء من أعمالها، فأشبهت الصَّحِيحة، ولا أثر لكونهَا فَاسِدة، كما لا أثر لاقتران المفسد بالإحرام، فعلى هذا هل يكون الحج صحيحاً مجزئاً؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم؛ لأن المفسد متقدِّم عليه، فلا يؤثر فيه.
وأصحهما: لا؛ لأن الإحْرَام واحد وَهُوَ فَاسِد، ومحال أن يؤدى بالإحرام الفَاسِد نُسكٌ صَحِيحٌ، فعلى هذا ينعقد فاسداً أو صحيحاً ثم يفسد؟ فيه وجهان ذكروا نظيرهما فيما إذا أصبح في رمضان مجامعاً فطلع الفجر واستدام:
أحدهما: أنه ينعقد صحيحاً ثم يفسد، كما لو أحرم مجامعاً انعقد صحيحاً ثم فسد.
وأصحهما: أنه ينعقد فاسداً إذا لو انعقد صحيحاً لما فسد؛ لأنه لم يوجد بعد انعقاد مفسد.
فإن قلنا: ينعقد فاسداً أو صحيحاً ويفسد مضى في النسكين وقضاهما وإن قلنا: