للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينعقد صحيحاً ولا يفسد، قضى العمرة دون الحَجِّ، وعلي الوجوه الثلاثة يلزمه دَمُ القَرَانِ، ولا يجب عليه إلا بَدَنةٌ واحدة؛ لأن الإحْرَام وَاحِد، هكذا قاله الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ، وحكى الإمام وجهين آخرين إذا حكمنا بانعقاد حَجِّه على الفَسَاد.

أحدهما: أنه يلزمه بَدَنَة أخرى لإفساده الحَجِّ بإدخاله على العُمْرَةِ الفَاسِدة.

والثاني: أنه يلزمه بدنة لإفْسَادِ العُمْرةَ وشاة لإدْخَال الحَجِّ عليها.

كما لو فسد نُسُكُه بِالْجِمَاع، ثم جامع ثَانِياً، يجب عليه للجِمَاع الثَّانِي شَاةٌ في وجه. إذا وقفت على الأصلين فانظر أن قال: كان الحدث في طَوافِ العُمْرَة، فالطَّواف والسَّعْيُ بعده فَاسِدَان، والجماعُ وَاقِعٌ قبل التَّحَلُّلِ، وفيه طريقان:

أحدهما: وبه أجاب الشَّيْخُ: أنه كجماع النَّاسِي، ففي إفسادهِ القولاَن، إذ لا فرق بين أن ينسى فيجامع، وبين أن يجامع وعنده أنه قد تحلل، كما لا فرق بين أن يتكلم في الصَّلاة نَاسياً، وبين أن يتكلم وعنده أنه قد تحلل.

والثاني: أنه لا ينزل منزلة النَّاسِي، قال الإمَامُ -رحمه الله-: وهذا كالخلاف فيما جَامَعَ على ظُنِّ أن الصُّبْحَ غَيْرَ طَالعٍ فبان خِلاَفه، هل يفسد الصَّوم أم يجعل الغَالِط كالنَّاسِي، فإن لم تفسد العُمْرَة به صارَ قَارِناً بإحْرَامِهِ بِالحَجِّ، وعليه دَمَانِ:

أحدهما: لِلْقَرَانِ.

والآخر: لِلْحَلْقِ قبل وقته إلا إذا لم يحلق كما سبق، وإن أفسدنَا العمرة به وبه أجاب ابْنُ الحَدَّادِ، فعليه بدنة للإفساد ودَمٌ للحلق قبل وقته، وإذا أحرم بالحَجِّ فقد أدخله على عُمْرَةٍ فَاسِدَةٍ، فإن لم يدخل فَهُو فِي عُمْرَتِهِ كما كان، فيتحلل منها ويقضيها، وإن دخل وقلنا: بفساد الحَجِّ فعليه بدنةٌ لِلإفْسَاد، وَدَمٌ للقران، ودمٌ للحلق قبل وقته، ويمضي في الفاسدين ثم يقضيهما وإن قالَ: كان الحدث في طواف الحج فعليه إعادة الطواف والسَّعْي، وقد صح نُسُكَاهُ وليس عليه إلا دَمُ التمتع، وإن قال: لا أدري أنه في أي الطوافين كاَن، أخذ في كلّ حكم بيقين، فلا يتحلل ما لم يعد الطَّواف والسعي؛ لاحتمال أن حدثه كان في طواف الحج، وهذا حكمه، ولا يخرج عن عهدة الحج والعمرة إن كانا لاَزِمَيْنِ عليه لاحتمال كونه محدثاً في طواف العمرة، وتأثير الجِمَاع في إفساد النُّسُكَينِ على ظاهر المَذْهَب، فلا تبرأ ذمته بالشَّك، فإن كان متطوعاً فلا قضاء لاحتمال الإفساد وعليه دَمٌ.

أما للتمتع إن كان الحدث في طَوَافِ الحَجِّ أو للحلاق قبل الوَقْتِ إن كان في طواف العُمْرَة، ولا تلزمه البدنة؛ لاحتمال أنه لم تفسد العُمْرة، ولكن الاحتياط ذَبْحٌ بدنةٍ، وذَبْحُ شاةٍ أخرى، إذا جوزنا إدخال الحج على العمرة الفَاسِدة، لاحتمال أنه صَارَ قَارِناً بذلك، -والله أعلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>