وإن كان مميزاً صلاهما بنفسه، وحكى القاضي ابْنُ كِجٍّ وجهاً: أنه لاَ بُدَّ وأن يفعلها الوَليُّ بِكُلِّ حَالٍ، واشترط إحضاره بعرفة ولا يكفي حضور غيره عنه، وكذا يحضر بالمزدلفة والمواقف ويناول الأحْجار حتى يرميها إن قدر عليه، وإلا رمى عنه من لاَ رَمْيَ عَلَيْهِ، ويستحب أن يَضَعَها فِي يده أولاً ثم يأخذ ويرمي.
وقوله في الكتاب:(للولي أن يحرم عن الصبي)، وقوله:(والمميز يحرم) معلمان بالحاء لما سبق.
وقوله:(فيحصل الحج للصبي نفلاً) كالمكرر في هذا الموضع لِمَا سَبَق، أن التكليف شرط في الوقوع عن حجة الإسْلاَم.
وقوله:(وفي القيم وجهان) يجوز إعلامه بالواو؛ لأن عن الدَّارِكِيّ طريقةً قاطعةً بنفي الجواز للقيِّم ونحوه. وقوله:(وأما المميز فيتعاطى الأفعال) إنما تحسم هذه اللفطة لو كان الكلام قبَلها في غير المميز لكن الكلام في المميز من قوله: (وهل للولي أن يحرم عن الصبي المميز).
قال الرافعي: الغرض الآن الكلام في المؤنات وَفِدْيَةِ المَحْظُورَاتِ، وفيه صور.
إحْدَاها: القدر الزائد في النفقة بسبب السَّفَرِ في مَالِ الصبي، أو على الوَلِيِّ؟ فيه وجهان، ويقال: قولان:
إحداهما: أنه في مَالِ الصَّبِيِّ؛ لأن الحَجِّ يحصل له كما لو قبل له نكاحاً يكون المهر عليه؛ لأن النِّكَاحَ يحصل له.
وأصحهما: أنه على الوَلِيِّ وبه قال مالك وأحمد؛ لأنه الذي أدخله وَوَرَّطَه فيه، ويخالف النِّكَاح فَإِنَّ المنكوحة قد تفوت والحج يمكن تأخيره إلى أن يبلغ؛ فعلى هذا لو أحرم الصَّبِيُّ بِغَيْرِ إِذِنِهِ وجَوّزناه حَلَّلَهُ فإن لم يفعل أَنْفَقَ عليه.
الثانية: يُمْنَع الصَّبِيُّ المُحْرِم من مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ فلو تطيب أو لَبِسَ نَاسِياً فلا فدية كالبالغ النَّاسِي، وإن تَعَمَّدَ فَقَدْ بَنُوهُ عَلَى أَصْلٍ يذكر في الجِنَايات وهو أن عَمْدَ الصَّبِيِّ عَمْدٌ أَوْ خَطَأ؟ إن قلنا: إنه خَطَأ فلا فدية.