للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قلنا: عمد، وجبت وهو الأصَح.

قال الإمام: المحققون قطعوا به؛ لأن عمده في العبادات كعَمْدِ البَالِغِ؛ ألا ترى أنه إذا تَعَمَّدَ الكَلاَمَ بَطَلَتْ صَلاتُه، أو الأكلُ بَطَلَ صَوْمُه.

وعن الدَّارِكِي نقل قول فارق بين أن يكون الصبي ممن يلتذ بالطيب واللّباس، أو ممن لا يلتذ بذَلِكَ، ولو حلق أو قلم أو قتل صَيْدًا، وقلنا: عَمْدُ هذه الأفعالِ وَسَهْوِهَا سواء على ما سيأتي وَجَبَتِ الفِدْيَة.

وإن قلنا: يختلف حكم عَمْدِهَا وسهوها فهي كالطِّيبِ واللِّباس، ومتى وجبت الفدية فَهِيَ على الوَليِّ أو في مَالِ الصَّبِيِّ؟ فيه قولان:

أحدهما: في مال الصبي؛ لأن الوُجوبَ بسبب ما ارتكبه.

وأصحهما: في مال الولي، وبه قال مالك: لأنه الذي أوقعه فيه وغرر بماله، وهذا إذا أحرم بِإذْنِهِ فإن أحرم بغير إذن الوَلِيّ وجوزناه فالفدية في مال الصَّبِيَّ بلاَ خِلاَفٍ ذكره في "التتمة" ومتى وجبت الفدية في مال الصبي فإن كانت مرتبة فحكمَها حكم كَفَّارَةِ القَتْلِ، وإلا فَهَلْ يجزي أن يبتدئ بالصوم في الصِّغَرِ؟ فيه وجهان: مبنيان على خِلاَفٍ سنذكره إن شاء الله تعالى في أنه إذا أفسد الحَجِّ هل يجزئه قضاؤه في الصغر؟ وليس للولي والحالة هذه أن يفدي عنه بالمَالِ؛ لأنه غير متعين، وعن أبي الحُسَيْنِ حكاية وجه أنه إن أحرم به الأب أو الجد فالفِدْيَة في مَالِ الصَّبي، وإن أَحرَمَ بهِ غَيْرُه فَهِيَ عَلَيْهِ.

الثالثة: إذا جامع ناسياً أو عامداً، وقلنا: إن عمده خَطَأٌ ففي فَسَادِ حَجَّه قولان: كالبالغ إذا جَامَعَ نَاسِياً والأظهر أنه لا يفسد، وإن قلنا: إن عمده عَمْد فسد حَجُّه، وإذا فَسَدَ هَلْ عَلَيهِ القَضَاءُ، فيه قولان:

أحدهما: لا، لأنه ليس أهْلاً لوجوب العِبَادَاتِ البَدَنِيَّةِ.

وأصحهما: نعم، لأنه إحْرَامٌ صَحِيحٌ فيوجب إِفْسَادُه القَضَاءَ كَحَجِّ التَّطُوُّعِ، وعلى هذا فَهَلْ يجزئه القَضَاءُ في الصَّبِي؟ فيه قولان، ويقال: وجهان:

أصحهما: نعم، إعتباراً بالأَدَاءِ.

والثَّاني: لا، وبه قال مَالِكٌ وَأَحْمَد لأنه فَرْضٌ، وهو ليس أَهلاً لآداء فَرْضِ الحَجِّ بدليل حجَّةِ الإِسْلاَمِ.

وإذا قلنا: بهذا، ولم يَقْضِ حتى بلغ، نظر فيما أفسدها إن كانت بحيث لو سلمت عن الفَسَادِ لأجزائه عن حَجَّة الإِسْلاَم بأن بَلَغَ قَبل فوات الوُقوفِ تأدّت حَجَّة الإسْلاَم بالقضاء وإن كانت لا تجزئه وإن سلمت عن الفَسَاد لم تتأد، وعليه أن يبدأ بحَجَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>