للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسْلاَم، ثم يقضي، فإن نَوَى القَضَاء أَوَّلاً انصرف إلى حجَّةِ الإسْلاَمِ، وإن جوزنا القضاء في الصِّغَرِ فشرع في القَضَاء وبلغ قبل الوُقوفِ انصرف إلى حجَّةِ الإسْلاَم وعليه القضاء. ومهما فسد حجة ووجبنا القضاء وَجَبَتِ الكَفَّارة أيضاً، وإن لم نوجب القَضَاءَ ففي الكفارة وجهان.

والأصح: الوجوب، وقد يعكس هذا الترتيب فيقال: إن لم تلزمه الْفِديَة ففي القَضَاءِ خِلاَفُ والفرق أن القَضَاءَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وحال الصبي أبعد عنها، وهذا الترتيب هو الذي ذكره في الكتاب، فقال: وفي لزوم القَضَاء خِلاَفٌ مُرَتَّبٌ على الفِدْيَةِ، وإذا وَجَبَتِ الكَفَّارة فهي على الوَلِيّ أو في مال الصبي؟ فيه الخلاف السَّابق.

وقوله: (ولوازم المحظورات لا تجب على أحد الوجهين) هذا الوجه هو الذي يتخرج على قولنا: عمد الصَّبِيِّ خَطَأٌ، وإنما نجعل عمدَهُ خَطَأً؛ لأن حاله يناسب التخفيف، وإليه أشار بقوله: (نظراً له) وقوله: (يفسد حجه بالجماع) جوابٌ على الأَصَحِّ من الخِلاَف المذكور فيه. وقوله: (فإذا بلغ لزمه القَضَاءُ بعد الفَراغَ عن فرض الإسلام) مُتَعَلِّقٌ بقوله: (لم يصح من الصبي على أحد الوجهين) ومفرع عليه.

واعلم أن حكم المَجْنُونِ حكم الصَّبِيِّ الذي لا يميز في جميع ذلك.

ولو خرج الوَلِيّ بالمجنون بعدمَا استقر فَرْضُ الحج عليه وأنفق عليه من ماله نظر أن لم يفق حَتَّى فات الوقوف غرم له الولي زِيادَةَ نَفَقَةِ السَّفَرِ، وإن أفاق وأحرم وَحَجَّ فلا غرم عليه، لأنه قضى ما وجب عليه، ويشترط إِفاقتُه عِنْدَ الإحْرَام والوقوف والطواف والسَّعْي، ولم يتعرضوا لحالة الطواف وقياس كونه نسكاً اشتراط الإفاقة فيه كسائر الأَرْكَانِ.

قال الغزالي: وَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ في حَجِّهِ قَبْلَ الوُقُوفِ (ح) وَقَعَ عَنْ حجَّةِ الإسْلاَمِ فَإِنْ كَانَ قَد سَعَى قَبْلَهُ لَزِمَهُ الإعَادَةُ في أصَحِّ الوَجْهَيْنِ، وَهِلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ بِنُقْصَانِ إِحْرَامِهِ إِذَا وَقَعَ في الصِّبَا؟ فِيهِ قَوْلاَنِ، وَعتْقُ العَبْدِ في الحَجِّ كَبُلُوغِ الصَّبِيِّ، وَلَوْ أَطْيَّبَ الوَلِيُّ الصَّبِي فَالفِدْيَةُ عَلَى الوَلِيِّ، إِلاَّ إِذَا قَصَدَ المدَاوَاةَ فَيَكُونُ كَاسْتِعْمَالِ الصَّبِيِّ عَلَى أَحَدِ الوَجْهِيْنِ.

قال الرافعي: الفَصْلُ يشتمل على مسألتين:

الأولى: لو بَلَغَ الصبيُّ في أثناء الحَجِّ نظر أن بَلَغَ بعد الوُقُوفِ بعرَفَة لم يجزئه عن حَجَّةِ الإسْلاَم، ولا فرق بين أن يكون وَقْتُ الوُقوفِ بَاقِياً أو فائتاً لكنه لم يَعُدْ إلى الوقوفَ لِمَضيِّ مُعْظَم العِبَادَةِ في حَالِ النُّقْصَانِ، ويخالف الصَّلاة حيث تجزئه إذا بَلَغ في أثنائها أو بعدها؛ لأن الصَّلاةَ عَبادُةُ تكرر، والحج عِبَادَةُ العُمْرِ فيعتبر وقوعها أو وقوع مُعْظَمِهَا في حَالِ الكَمَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>