"وكذا النوم قاعداً" بالميم لما ذكرنا من مَذْهَبِ مالك، وكذلك ينبغي أن يكون قوله:"كل ذلك ينقض الطهر" مُعْلماً بالقاف إشارَةً إلى القول المنقول في النوم قائماً أنه لا ينقض، وفي النوم على هيئات المصلِّين، وكذلك في النوم في الصلاة، فإنها مُسْتثناة أيضاً على هذه الأقوال.
قال الرافعي: اللَّمْسُ من نواقض الوضوء خلافاً لأبي حنيفة، إلا في المُبَاشَرَةِ الفاحشة، وهي أن يضع الفَرْجَ على الفَرجِ مع الانْتِشَار، ولمالك وأحمد فإنهما اعتبرا الشهوة في كونه ناقضاً، هذه رواية عن أحمد وعنه روايتان أخريان:
إحداهما: مثل مذهبنا، والأخرى: مثل مذهب أبي حنيفة. لنا قوله تعالى:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}(١) عطف اللَّمْسَ على المجيء من الغائط، ورتب عليهما الأمر بالتيمم عند فقدان الماء، فدل على كونه حدثاً كالمجيء من الغائط، والمراد من اللمس الجَسُّ باليد، كذلك روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- وغيره ثم ينظر إن وجد اللمس من الرجل بالصفات المذكورة في الكتاب، وهي أن يلمس بشرة المرأة الكبيرة الأجنبية فَتَنْتَقِضُ طَهَارته.
فإن قيل: الشرط في الانتقاض أن لا يكون بينهما حائل ولم يتعرض له.
قلنا: في قوله "لمس بشرة المرأة" ما يفيد ذلك؛ لأنه إذا كان بينهما حائل فلا يقال: لمس ولا مس، ولهذا لو حلف أن لا يَمْسُّ امرأة فمسها من وراء حَائلٍ، قال الأصحاب: لا يَحْنَثٌ، وإن فقد شيء من الصفات التي ذكرها نظر إن لمس غير البشرة، كالشعر والظفر والسن ففيه وجهان:
أحدهما: ينتقض وضوءه كسائر أجزاء البدن، ولهذا يسوى بين الكل في الحِلِّ والحرمة وإضافة الطلاق، وأصحهما: لا ينتقض، لأن الالْتِذَاذ بهذه الأشياء إنما يكون بالنظر دون اللمس، أو معظم الالْتِذَاذ فيها بالنظر.
وإن كان الملموس عضواً مباناً منها ففيه وجهان:
أحدهما: أنه كالمتصل ألا ترى أن مس الذكر المقطوع كمس الذكر المتصل على الصحيح.