للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحهما: أنه لا ينتقض، لأن المس حدث لظاهر الآية، وفهم من جهة المعنى اعتبار الوقوع في مَظَنَّةِ الشهوة (١) ولمس المُبَانِ ليس في مظنة الشهوة، ولا يقال لمن لمسه: لمس امرأة، بخلاف من مس الذكر المبان فإنه قد مس الذكر.

وإن لمس صغيرة، والمراد التي لم تبلغ حَدَّ الشهوة، ففيه وجهان:

أحدهما: نعم، لظاهر الآية، وأصحهما: لا، لأنه ليس في مظنَّة الشهوة، فصار كلمس الرجلِ الرجلَ.

ومنهم من يقول في المسألة قولان كما في المحرم، وإن لمس محرماً فقولان:

أحدهما: أن حكمها حكم الأجنبيات في اللمس لعموم الآية، وأصحهما: لا، لأنها ليست في مظنَّة الشهوة بالإضافة إليه، ولا فرق بين محرَمِيَّة النَّسب والرِّضَاع والمُصَاهرة في اطِّراد القولين وإن لمس ميتة ففيه وجهان أيضاً، ينظر في أحدهما إلى عموم اللفظ وفي الثاني إلى أن لمسها ليس في مظنة الشهوة، والظاهر الأول، كما يجب الغُسْلُ بالإيلاجَ فيها، ولم يذكر مسألة الميتة في "الوسيط"، وإذا عرفت ما ذكرناه تبين لك أن الخَلاف الذي أبهمه في قوله: "ففي الكل خلاف"، قولان في مسألة المحرم، ووجهان في سائر المسائل، وهذا مما ينبغي أن يعتني به محصل هذا الكتاب، فإنه كثيراً ما يرسل ذكر الخلاف والتردد في مسائل يعطف بعضها على بعض، وهو قول في بعضها ووجه في البعض، فينبغي أن يُضْبَطَ.

ثم كما ينتقض وضوء الرجل إذا لمس بهذه الشرائط، ينتقض وضوء المرأة إذا لَمَسَتْ بهذه الشَّرائط، وفي الملموس قولان:

أصحهما: أنه ينتقض وضوءه أيضاً لاستوائهما في اللَّذة، كما أن الفاعل والمفعول يستويان في حكم الجماع.

والثاني: لا ينتقض، لما روى عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أصابت يدي أخْمُصَ قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة، فلما فرغ من صلاته قال: "أَتَاكِ شَيْطَانُكِ" (٢) ولو انتقض طهر الملموس لما أتم الصلاة، ثم حكى قولان في أن الملموس من هو:

أحدهما: أن الملموسة هي المرأة، وإن وجد فعل اللمس منها، والرجل لامس.

والثاني: وهو الأَصَحُّ المشهور، أن الَّلامس من وجد منه فعل اللمس رجلاً كان أو امرأة، والملموس الآخر، ويخرج مما ذكرناه قول أن المرأة لا ينتقض وضوءها وإن


(١) في ب: وإن لم تعتبر لمس الشهوة.
(٢) أخرجه مسلم (٤٨٦) والحاكم في المستدرك على شرط الشيخين، الخلاصة (١/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>