للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمست وإن نفى المُصَنِّف في "الوسيط" أن يكون في الانتقاض خلاف، ثم لا فرق بين أن يتفق اللمس عمداً أو سهواً كسائر الأحداث، ولا بين أن يكون بشهوة أو بغير شهوة.

وحكي وجه أن اللمس إنما ينقض الوضوء إذا وقع قصداً (١)، وكان تَخْصِيصُ اللمس بالذَّكَرِ في الكتاب إنما كان لمكان هذا الوجه، وإلا فسائر الأحداث أيضاً عمدها وسهوها سواء، لكن أبا عبد الله الحناطي روى في مس الذكر ناسياً وجهين أيضاً، وحكى في اللَّمس أن ابن سريج ذهب إلى اعتبار الشهوة، كما صار إليه مالك قال: وحكى ذلك عن الشافعي -رضي الله عنه- أيضاً ولمس العجوز كغيرها، ولمس العضو الأشَلِّ والزائد كلمس الصحيح والأصلي، وفي الصور الثلاث وجه آخر.

قال الغزالي: (الرَّابعُ) مَسُّ الذّكَرِ بِبَطْنِ الكَفِّ نَاقِضٌ (ح ز) لِلْؤضُوءِ وَكَذَا مَسُّ فَرْجِ المَرْأَةِ وَكَذَا مَسُّ حَلْقَةِ الدُّبُرِ (م) عَلَى الجَدِيدِ وَكَذَا فَرْجُ البَهِيمَةِ عَلَى القَدِيمِ وَكَذَا فَرْجُ المَيِّتِ (و) وَالصَّغِيرِ (م) وَكَذَا مَحَلُّ الجَبِّ (و)، وَفِي الذَّكَرِ المُبَانِ وَجْهَانِ، وَفِي المَسِّ بِرَأْسِ الأَصَابع وَجْهَانِ، وَبِمَا بَيْنَ الأَصَابع لا يَنْتَقِضُ عَلَى الصَّحِيحِ.

قال الرافعي: مَسُّ الذكر ناقض للوضوء خلافاً لأبي حنيفة ومالك، فإن حكم المس عندهما على ما ذكرنا في اللمس: لنا حديث بسرة بنت صفوان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَليَتَوَضَّأْ" (٢) وإنما ينتقض الوضوء إذا مس بالكَفِّ، والمراد بالكف الرَّاحَة وبطون الأصابع، وقال أحمد: تنتقض الطهارة سواء مس بظهر الكف أو بِبَطْنها:

لنا أن الأخبار الواردة في الباب جرى في بعضها لفظ اللمس، وفي بعضها لفظ الإفضاء، ومعلوم أن المراد منهما واحد، والإفضاء في اللغة: اللمس ببطن الكف (٣).


(١) قال النووي: ولو التقت بشرتا رجل وامرأة بحركة منهما، انتقضتا قطعاً وليس فيهما ملموس، ولو لمس الشيخ الفاقد للشهوة شابة، أو لمست الفاقدة للشهوة شاباً، أو الشابة شيخاً لا يشتهي، انتقض على الأصح، والمراهق والخصي والعنين ينقضون وينتقضون، ولو لمس الرجل أمرد حسن الصورة بشهوة، لم ينتقض على الصحيح، ولو شك هل هو لامس أو ملموس فهو ملموس، أو هل لمس محرماً أو أجنبية فمحرم، ولو لمس محرماً بشهوة فكان لمسها بغير شهوة. ولمس اللسان، ولحم الأسنان، واللمس به، ينقض قطعاً -والله أعلم- الروضة (١/ ١٨٦).
(٢) أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٤٢) والشافعي في الأم (١/ ١٩) وأحمد في المسند (٦/ ٤٠٦ - ٤٠٧) والدارمي (١/ ١٨٤ - ١٨٥) وأبو داود (١٨١) والترمذي (٨٢) وقاله: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي (١/ ١٠٠) وابن ماجة (٤٧٩) قال ابن الملقن: روي بأسانيد صحيحة لا مطعن لأحد في اتصالها وثقات رجالها وصححه الأئمة أحمد والترمذي وابن حبان والحاكم، وأنه على شرط الشيخين. والدارقطني، وعبد الحق، والحازمي، وابن صلاح، وابن الأثير، وابن الجوزي. وقال الترمذي: قال البخاري: إنه أصح شيء في الباب. انظر الخلاصة (١/ ٥٤).
(٣) انظر المصباح المنير (٢/ ٦٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>