للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو مس بِبَطْنِ أصبع زائدة نظر إن كانت على استواء الأصابع فهي كالأصلية على أصح الوجهين، وإن لم تكن على اسْتِوَاء الأصابع فلا في أصح الوجهين، ولو كانت له كَفَّان فإن كانتا عاملتين فبأيتهما مسَّ انتقض الوضوء، وإن كانت إحداهما عاملة دون الأخرى انتقض بالمس بالعاملة دون الأخرى، ذكره القاضي الروياني (١) وصاحب "التهذيب"، وحكى بعضهم خلافاً في اليد الزائدة مطلقاً، واليد الشلاَّء كالصحيحة في أصح الوجهين، وكذا الذكر الأشل كالصحيح.

وحكم فرج المرأة في المس حكم الذكر، لما روى عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَمَسُّونَ فُرُوجَهُمْ ثُمَّ يصَلَّونُ وَلاَ يَتَوَضَئُونَ" قالت عائشة: بأبي وأمي هذا للرجال أفرأيت النساء، قال: "إذَا مَسَّتْ إِحْدَاكُنَّ فرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ" (٢).

وفي حلقة الدُّبُرِ وهي ملتقى المنفذ قولان:

في القديم: لا ينتقض الوضوء بمسه، وبه قال مالك؛ لأن الأخبار وردت في القُبُلِ وهو الذي يفضي بمسه إذا كان على سبيل الشهوة إلى خروج المذي وغيره، فأقيم مسَّه مقام خروج الخارج، بخلاف الدبر.

وقال في الجديد: ينتقض؛ لأنه فرج فينتقض الوضوء بمسّه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَمَسُّونَ فُرُوجَهُمْ وَلاَ يَتَوَضَئُونَ" (٣) وبالقياس على القُبُلِ، ومن الأصحاب من جزم بما قاله في الجديد، ونفى الخلاف فيه، وعن أحمد روايتان كالقولين، وفي فَرْج البَهِيمَة قولان حكى عن القديم أن مسه كمس فرج الآدمي؛ لظاهر قوله: "مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ الْوُضُوء" (٤)؛ ولأن فرج البهيمة كفرج الآدمي في الإيْلاَجِ، فكذلك في حكم المس وهذا القول في القبل دون الدبر، فإن دبر الآدمي لا يلحق على القديم بالقبل، فمن غيره


(١) قاضي القضاة عبد الواحد بن إسماعيل المذكور قبله، الملقب فخر الإسلام، صاحب (البحر) وغيره من الأصول النفيسة، كانت له الوجاهة والرئاسة، والقبول التام عند الملوك فمن دونها أخذ عن والده، وتفقه على جده، وعلى محمد بن بيان الكازروني، بميافارقين وبرع في المذهب حتى كان يقول: لو احترقت كتب الشافعي لأمليتها من حفظي، ولهذا كان يقال له شافعي زمانه، وصنف التصانيف المشهورة، ولد في ذي الحجة سنة خمس عشرة وأربعمائة، واستشهد بجامع آمل عند ارتفاع النهار بعد فراغه من الإملاء يوم الجمعة، حادي عشر المحرم، انظر ترجمته في: وفيات الأعيان (٣/ ١٩٨) طبقات الشافعية (٤/ ٢٦٨) العبر (٤/ ٤).
(٢) أخرجه الدارقطني (١/ ١٤٧ - ١٤٨) بإسناد ضعيف، وقال ابن الملقن: وصح موقوفاً عليها كما قاله الحاكم، انظر خلاصة البدر المنير (١/ ٥٥).
(٣) انظر التخريج السابق.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٤١١) والنسائي (١/ ٢١٦) والطحاوي (١/ ١٧) والطبراني في الكبير (٤٨٥) قال ابن الملق: وسنده لا غبار عليه، انظر خلاصة البدر المنير (١/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>