للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفريع: إنْ صححنا الشرط، فهل يلزمه الهَدْي للتحلل إن كان قد شَرط التحلل بالهدي؟ فنعم، وإن كان قد شرط التَّحلل بلا هدي، فلا، وإن أطلق فوجهان:

أظهرهما: وبه قال أبو إسحاق والدَّارِكِيُّ: أنه لا يلزم أيضاً لمكان الشرط، ولو شرط أن يقلب حجهَ عمرة عند المرض، فهو أولى بالصِّحَّة من شرط التَّحلل رواه القاضي ابن كَجٍّ عن نصه.

ولو قال: إذا مرضت فأنا حلال فيصير حلالاً بنفس المرض، أم لا بد من التَّحلل؟ فيه وجهان، والمنصوص منهما الأول، -والله أعلم-.

قال الغزالي: وَتَحَلُّلُ المُحْصِر هَلْ يَقِفُ عَلَى إِرَاقَةِ دَمِ الإحْصَارِ؟ (ح) فِيهِ قَوْلاَنِ، فَإنْ كَانَ مُعْسِراً وَقُلْنَا: إِنَّ الصَّوْمَ بَدَلٌ ففي تَوَقُّفِهِ القَوْلاَنِ المُرَتَّبَانِ، وَأَوْلَى بِأَنْ لاَ يَتَوَقَّفَ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ طَوِيلٌ، وَلاَ يُشْتَرَطُ (ح) بَعْثُ الدَّمِ إلَى الحَرَمِ، وَإذَا قُلْنَا: لاَ يَتَوَقَّفُ فَيَتَحَلَّلُ بِالحَلْقِ أَوْ بنيَّةِ التَّحلُّلِ، وَلاَ قَضَاءَ (ح) عَلَى المُحْصِرِ.

قال الرافعي: مقصود الفصل ثلاث مَسَائِلَ:

إحداها: في أن تحلُّل المُحْصر بِمَ يحصل؟ وهذه المسألة تحوج إلى معرفة أصلين:

الأول: أنه يجب على المُحْصر إذا تحلَّل دَمُ شاة، وبه قال أبو حنيفة وأحمد -رحمهما الله-، وقال مالك: يتحلل، ولا دم عليه.

لنا قوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، وهذا إذا لم يَجْرِ من المحرم شرط سابق.

فأما إذا كان قد شرط عند إحرامه أنه يتحلل إذا أحصر ففي تأثير هذا الشرط في إسقاط الدم طريقان، منهم من خرجه على وجهين، كما إذا شرط التَّحلل عند المرض وتحلل بالشرط وقد ذكرناه.

والأصح: القطع بأنه لا يؤثر؛ لأن التَّحلل بالإِحْصار جائز، وإن لم يشترط فالشرط لاَغٍ بخلاف التَّحلل بالمرض.

والأصل الثاني: أنَّ القول قد اختلف في أن دم الإحصار هل له بدل أم لا؟ وبتقدير أن يكون له بدل، فكيف سبيله وهو على التَّرتيب أو التَّخيير، وهذا ستعرفه حق المعرفة في الياب الثاني إن شاء الله تعالى.

إذا تقرر ذلك، فنقول: إن قلنا: إن دَمَ الإِحْصَار لاَ بَدَل له، وكان واجداً للدم فيذبح وَينْوى التَّحلل عنده، وإنما اعتبرت نِيَّة التّحلل؛ لأن الذبح قد يكون للتَّحَلل،

<<  <  ج: ص:  >  >>