للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (١).

وِقال عز وجل: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (٢). وعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَّهُ لَعَنَ آَكِلَ الرِّبَا وَمُوَكِّلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَهُ" (٣). والحديث الذي صدر به الباب بعض ما رواه الشافعي -رضي الله عنه- "المختصر".

قال: أخبرنا عبد الوهاب، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن مسلم بن يسار ورجل آخر، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنهم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، وَلاَ الْوَرِقَ بالوَرِقِ، وَلاَ البُرَّ بِالْبُرِّ وَلاَ الشَّعِيرَ بِالشَّعِيرِ، وَلاَ التَّمْرَ بالتَّمْرِ، وَلاَ الْمِلْحَ بِالْمِلحِ، إلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، عَيْناً بِعَيْنٍ يَدًا بيَدٍ، وَلَكِنْ بِيعُوا الذَّهَبَ بِالْوَرَقِ، وَالْوَرِقَ بِالذَّهَبِ، وَالْبُرَّ بِالشَّعِيرِ، والشعير بالبر وَالتَّمْرَ بِالْمِلْحِ، وَالْمِلْحَ بِالتَّمْرِ، كَيْفَ شِئْتُمْ، يَداً بِيَدٍ" قَال: "وَنَقَصَ أَحَدُهُمَا التَّمْرُ أَوِ الْمِلْحُ، وَزَادَ الآخَرُ فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى" (٤). ذكر بعض الشارحين: أن الرجل الآخر الذي أبهم ذكره هو: عبد الله بن عبيد الله المعروف بابن هُرْمز.

وقوله: "وَنَقَصَ أَحَدُهُمَا التَّمْرُ أَوِ الْمِلْحُ "، يعني: أحد الرجلين، ولم يبين الَّذِي نقص منهما كأنه شك فيه، وشك أيضاً في أن ما نقصه التَّمْر أو المِلْح.

وقوله: وزاد الآخر يعني الذي لم ينقص.

واختلفوا في قوله: "فمن زاد أو استزاد" فمنهم من قال: هذا شك آخر من الشَّافعي -رضي الله عنه-، ومنهم من قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد يلفظ بهما جميعاً، وأراد بقوله: "زاد" أعطى الزيادة، وبقوله: "أو استزاد" أخذ الزيادة أو طلبها.

وشبه ذلك بما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي فِي النَّارِ" (٥). واعلم أن الربا ثلاثة أنواع: ربا الفضل: وهو زيادة أحد العِوَضَيْن على الآخر في القدر.

وربا النَّساء وهو أن يبيع مالاً بمال نَسِيئَة، سمي به لاختصاص أحد العِوَضَيْن بزيادة الحُلُول. وربا اليَدِ؛ وهو أن يَقْبِض أحد العِوَضين دون الآخر، وفي الخبر ذكر ستة أشياء وهي: النَقْدَان، والمَطْعُومَات الأربعة، والحكم غير مقصور عليها باتفاق


= الذي سأله عن ذلك هو والده -رحمهما الله تعالى- اهـ". ينظر زواجر ابن حجر (١/ ١٧٩) وما بعده، النيسابوري (٣/ ٨٠) وما بعدها، المنار (٣/ ١٠٦)، المبسوط ج ١٢، القرطبي ج ٣، الفخر الرازي ج ٢.
(١) سورة البقرة، الآية ٢٧٥.
(٢) سورة البقرة، الآية ٢٧٨.
(٣) أخرجه مسلم (١٥٩٨).
(٤) انظر التخريج قبل السابق.
(٥) أخرجه الطبراني في الصغير (٥٨) والحاكم (٤/ ١٠٣) وانظر التلخيص (٣/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>