للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّخل، ويجوز أن يعطي صاحب الأُنْثَى صاحب الفحل شيئاً، على سبيل الهدية خلافاً لأحمد -والله أعلم-.

قال الغزالي: وَحَبَلِ الحَبَلَةِ وَهُوَ نِتَاجُ النِّتَاجِ، وَالمَلاَقِيح وَهِيَ مَا فِي بُطُونِ الأُمَّهاتِ، وَالمَضَامِين وَهِيَ مَا فِي أَصْلاَبِ الفُحُولِ.

قال الرافعي: ما روي عن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ" (١) وحبل (٢) الحبلة هو نِتَاج النِّتَاج، ثم ذكروا للخبر تفسيرين:

أحدهما: أن يبيع الشيء إلى أن ينتج نِتَاج هذه الدَّابة.

والثاني: أن يبيع نِتَاج النِّتاج نفسه.

والأول: هو تفسير ابن عمر، وبه أخذ الشَّافعي -رضي الله عنه-.

والثاني: تفسير أبي عبيد وأهل اللُّغَة، وكلا البيعين باطل.

أما الأول: فلأنه بيع إلى أجل مجهول.

وأما الثاني: فلأنه بيع ما ليس بمملوك ولا معلوم ولا مقدور على تَسْلِيمه.

ومنها: ما روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَلاَقيحِ وَالْمَضَامِينِ" (٣).

فالملاقيح: ما في بُطُون الأُمّهَات من الأجِنّة، الواحدة ملقوحة من قولهم: لُقحت، كالمَجْنون من جُنَّ، والمَحْمُوم من حُمَّ، والمَضَامِينُ: ما في أَصْلاَب الفُحُول، سمي بذلك لأن الله -تعالى- ضَمَّنها فيها، وكانوا في الجَاهِلية يبيعون ما في بطن النَّاقة، وما يحصل من ضِرَاب الفَحْل في عام أو أعوام، وسبب بطلانهما من جهة المعنى بين (٤) ...


(١) أخرجه البخاري (٢١٤٣) ومسلم (١٥١٤).
(٢) والحبل مصدر واستحماله هنا مجاز من وجهين:
أحدهما: إطلاقه على البهائم مع أنه مختص بالآدميات بالاتفاق، وإنما يقال للبهائم الحمل بالميم كما نقله النووي في تهذيب الأسماء واللغات.
الثانى: أن المراد بهذا المصدر هو اسم المفعول وهو المحبول كما أطلق الحمل وأريد به. وأما الحيلة فقيل جمع حامل كفاسق وفسقة، وقيل: مفرد والتاء للتأنيث إشعاراً بأنها أنثى حتى تلد.
(٣) أخرجه البزار (١٢٦٧) كشف الأستار، وانظر خلاصة البدر (٢/ ٥٦) والتلخيص (٣/ ١٢).
(٤) [والملاقيح: جمع ملقوحة أي ملقوح بها من قولهم لقحت بضم اللام، ولا يكون الملاقيح إلا لما في بطون الإبل خاصة. كذا قاله أبو عبيد في غريب الحديث. وذكر الجوهرى نحوه أيضاً] المضامين، فقال الأزهري: سميت بذلك لأن الله تعالى أودعها ظهورها فكأنها ضمنتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>